رؤى وتصورات الشارع العراقي
يرى الكثيرون ان القائمة المفتوحة ستمنح الناخب العراقي في الانتخابات القادمة مساحة واسعة لاختيارالمرشح الذي يرغب بالتصويت له وستكون الشخصيات المرشحة ضمن القوائم الانتخابية واضحة غير مستترة داخل القائمة وسيعرف الناخب عن كثب تاريخها السياسي والاجتماعي والمهني بالنقيض من القائمة المغلفة بسليفون انتخابي
كما حدث في الانتخابات التشريعية السابقة التي اسهمت في تسلل نواب الى قبة البرلمان بغفلة من الوعي ما انعكس على اداء المجلس النيابي وتعطلت (بوجودهم) حزمة من القوانين والتشريعات ولم يكتمل نصابهم القانوني الا لحظة مناقشة امتيازاتهم الخاصة واصبحوا جزء من المشاكل بدلا ان يكونوا جزءاً من الحل ، بثنائية القائمة المفتوحة والمغلقة حاور ملحق ديمقراطية ومجتمع مدني عددا من المثقفين والاعلاميين وقد اتفقت اراؤهم على اعتماد الاولى ورفض الثانية بشكل قاطع والا العزوف عن المشاركة في الانتخابات.
المفتوحة التمثيل الاوسع
من ناحيته اشارالكاتب خضير حسين السعداوى الى ان التجربة الديمقراطية حديثة العهد في العراق فقد مارس العراقيون النظام الديمقراطي منذ تاسيس الدولة العراقية العام ١٩٢١ واعتقد ان الظروف التي حصلت بالعراق في تلك الفترة هي اقرب الى الظروف التي حصلت بالعراق بعدالتغيير العام ٢٠٠٣ فانهيار دولة ونشوء دولة جديدة كما ان الدولة التي احتلت العراق وانهت السيطرة العثمانية هي بريطانيا وكجزء من سياستها في نشر الديمقراطية في البلدان التي تسيطر عليها اوجدت النظام الملكي الدستوري في العراق وفق مفاهيم ديمقراطية جديدة على المجتمع العراقي الذي كان مجرد ثلاث ولايات تابعة للاستانة ورغم ذلك ترسخت تجربة العمل البرلماني والنيابي رغم ان العملية السياسية في العراق في تلك الفترة سيطرعليها ساسة معروفون امتهنوا السياسة ولذلك اصبحت الديمقراطية مجرد اليات شكلية تخدم بصورة واخرى السياسة البريطانية ولكن التغيير الثوري الذي حدث في العراق في اعقاب ثورة ١٤ تموز العام ١٩٥٨ والذي كان بصراحة هزة عنيفة في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي الا ان المخيب للامال هو بقاء سيطرة العسكر على السلطة والتناحر الدامي بين القوى السياسية انذاك، هذا الصراع الذي رسخ لدى العراقيين مفهوم التسلط الدكتاتوري للاحزاب والقوى السياسية للثار من بعضها البعض من خلال الوصول الى السلطة وباية طريقة فكان العراق ميدانا للمؤامرات والانقلابات العسكرية سواء من فشل منها او نجح وانتهى التفكير بالديمقراطية بعد ظهور الاحزاب الشمولية كذلك كان للتدخل الاقليمي ودول الجوار كل هذا كان عاملا مهما ان ظهرت الدكتاتورية في العراق وبابشع صورها وبعد عجز قوى المعارضة المسلحة والسياسية في اقتلاع الدكتاتورية من العراق كان الكي آخر الدواء فكان الاستعانة بقوى دولية اقتلعت النظام الاستبدادي العام ٢٠٠٣ وجاءت بمشروع الديمقراطية للمرة الثانية وكان على العراقيين ان يتعاملوا مع مفاهيم بدت غريبة عليهم بعد عقود من الحكم الشمولي، ان التجربة الانتخابية الاولى التي حدثت في العراق عقب التغيير العام ٢٠٠٣ املتها ظروف ما بعد التغيير وهاجس الخوف والرعب الذي انتاب المحيط الاقليمي وتشتت القوى السياسية ووقوف قسم منها ضد هذه التجربة افرز ظرفا يتحتم فيه ان تكون القائمة المغلقة كوسيلة اقرب الى الواقعية في التمثيل للاطياف المختلفة للشعب العراقي والتي اهتزت ثقتها ببعضها فانا وأضاف السعداوي قائلا: اعتقد ان مرحلة القائمة المغلقة كانت قاعدة لظرف استثنائي مر به العراق ولكن الان وبعد ان ترسخت مفاهيم الديمقراطية نوعاً ما ودخول كثير من القوى الرافضة للعملية السياسية الى المعترك السياسي وظهور سلبيات القائمة المغلقة اعتقد ان على الشعب ان يعي جيدا ان مرحلة القائمة المغلقة يجب ان تنتهي على الرغم من ان بعض القوى السياسية والتي بدات قاعدتها الجماهيرية تتصدع تفضل القائمة المغلقة واستطرد بالقول قد تنبهت المرجعية الى ذلك وقطعت الطريق على من يحاول ان يجعل الانتخابات تسير فق القائمة المغلقة ، ان ما اعتقده وبشكل قاطع ان القائمة المفتوحة هي التي تخدم المرحلة الديمقراطية الفتية في العراق بفسحها المجال امام اصحاب الكفاات وممن يتصف بالامانة والقدرة على تمثيل الجماهير التي اودعته ثقتها ويكون مسؤولا امام هذه الجماهير عكس القائمة المغلقة التي يضيع فيها من هو جيد او سيئ ويضيع صوت الناخب عندما يعطى الى شخص غير مرغوب فيه اعتقد ان القائمة المفتوحة ستفرز قوى وطنية جديدة لا تعتمد العمق الطائفي كاساس لصعودها الى دفة السلطة وانما يكون المعيار هو ثقة الناخب بالمرشح ومدى قدرته على تمثيل من جازف واعطى صوته لهذا المرشح كما ان القائمة المفتوحة ستبدد مخاوف من اكتوى بنار القائمة المغلقة واصيب بخيبة امل.
محاولات لعرقلة قانون انتخابي
فيما يقول الباحث والناشط المدني عثمان حمادي:كان بريمر وفريقه الإداري أول من أسس لبدعة القائمة المغلقة في الممارسة الانتخابية العراقية التي تلت سقوط الدكتاتورية على يد القوات الاجنبية وكان هدفه من ذلك آنذاك هو محاصرة القوى السياسية الأكثر شعبية والأكثر تنظيماً آنذاك وعدم السماح لها بالهيمنة على السلطة من خلال صناديق الاقتراع وهذا ما كان قد أعترف به بريمر في مذكراته. ويتابع حمادي :وكانت القوى السياسية قد دخلت في صراع علني مع بريمر في محاولة لإسقاط مخطط قائمته المغلقة. وفي ذلك الصراع وقف سماحة السيد علي السيستاني مع تلك القوى السياسية ودعا الى القائمة المفتوحة بقوة وبدون تحفظ. والمفارقة التي نشهدها اليوم هي أن سماحة السيد على السيستاني يضطر الى خوض المواجهة والصراع نفسهما اللذين خاضهما مع سلطة الاحتلال آنذاك ولكن سماحته يخوضهما في هذه المرة مع بعض القوى السياسية العراقية التي تسعى الى البقاء في الساحة السياسية من خلال الاعتماد على نظام القائمة المغلقة. واكد حمادي :أعتقد أنَّ هذه القوى ستحاول عرقلة إقرار قانون انتخابي جديد من قبل مجلس النواب الذي تم تحديد الخامس عشر من الشهر الجاري كموعد نهائي لإقراره. وسوف تستخدم هذه القوى أساليب شتى للوصول الى هدفها ومنها اللجوء الى حيلة عدم اكتمال النصاب القانوني في المجلس ولكن عندما ترى هذه القوى أنَّ هذه الحيلة مكشوفة ستضطر الى استخدام حيلة أنصاف الحلول في محاولة التفافية للحفاظ على مصالحها الفئوية والشخصية الضيقة. لذلك سنجد من يطرح فكرة المزج بين القائمتين المفتوحة والمغلقة. واوضح حمادي :إذا أراد الباحث السياسي معرفة كيفية ظهور الطبقات السياسية وكيفية الاستحواذ على السلطة في ظل نظام سياسي وليد ومنتقل من نظام دكتاتوري الى نظام ديمقراطي تم استيلاده بعملية قيصرية عليه متابعة ما تفعله أغلب القوى السياسية العراقية في هذه المرحلة من الحياة السياسية العراقية. ويرى حمادي:ان المشكلة الانتخابية تكمن الآن في كون الجهة المشرعة ( مجلس النواب ) هو أول المتضررين من القانون الانتخابي المطلوب تشريعه على وفق القائمة المفتوحة حيث يعلم الكثير من أعضاء مجلس النواب أن لا أمل لهم في العودة الى المجلس في دورته القادمة إلا من خلال القائمة المغلقة. لأنَّ القائمة المفتوحة سوف تتيح للناخبين اختيار من يمثلهم في مجلس النواب بصورة مباشرة. ومن هنا يبدأ الفراق والافتراق بين المصلحة الوطنية ومصلحة الطبقة السياسية ( مجازاً) وهكذا يبدأ نشوء الطبقات السياسية في المجتمعات حتى تلك المجتمعات التي تتفاخر في تصدير الديمقراطية الى غيرها. ولا بد من الإشارة الى أنَّ المصلحة الشخصية لأعضاء مجلس النواب تقتضي أن يعملوا على إبقاء النظام الانتخابي الحالي أو على أقل تقدير التوصل الى حل وسط بين القائمتين. في الوقت الذي تتطلب فيه المصلحة الوطنية الذهاب الى القائمة المفتوحة والدوائر المتعددة . ومن خلال التصويت على قانون الانتخابات في مجلس النواب ، الذي ينبغي الإصرار على أن يكون علنياً ، سنكتشف من هو النائب الوطني الذي يترفع فيرتفع فوق مصالحه الشخصية ومن هو النائب الذي لا يرى في وطنه ومن وطنه سوى ذلك الضرع الذي يحتلب منه. وإنَّ كنت أعتقد أنَّ الكثير من أصحاب الضروع أفراداً وفئات وتكتلات سوف يزايدون ويدَّعون أنهم مع القائمة المفتوحة إلا أنهم في الحقيقة سيعملون بقوة على التوصل الى حلول وسطى. والتصريحات المبكرة لمفوضية الانتخابات حول اضطرارها الى اعتماد القانون القديم في حال عدم تمرير التعديلات الجديدة يعد مؤشراً على نوايا بعض القوى السياسية العراقية حول الانتخابات النيابية المقبلة. كما أن هذا السلوك السياسي يُعدُّ مؤشراً خطيراً على محاولات أوليَّة لتأسيس طبقة سياسية عراقية منتفعة ومنفصلة عن الشعب. وبالقائمة المفتوحة وحدها سيتمكن الناخب العراقي من استبعاد النواب الذين لم يؤدوا رسالتهم الوطنية كنواب عن الشعب بالشكل الذي يقتضيه الواجب والانتماء الوطني. أما القائمة المغلقة فستبقي الخارطة السياسية العراقية كما هي وستعيد الى البرلمان العراقي الوجوه نفسها والقوى السياسية نفسها ولكن بتحالفات جديدة وبشعارات جديدة في الوقت الذي لا يريد الناخب من تلك الوجوه إلا التي يرى من خلالها مستقبله الآمن والمزدهر والمكفول.
الاتجاه الصحيح
في معرض حديثه عن الانتخابات القادمة قال الاعلامي يونس العراف: ان القائمة المغلقة لم تستطع تلبية طموحات الناخب العراقي في انتخابات عام ٢٠٠٥ ما اثر ذلك في سير العملية الديمقراطية والسياسية وعرقلت حزمة من القوانين والتشريعات المهمة وتأجل التصويت عليها الى الدورة الجديدة . شكلت انتخابات مجالس المحافظات نقلة نوعية في المفصلية الديمقراطية كونها تبنت القائمة المفتوحة (برغبة شعبية)وقوبلت الخطوة بارتياح الناخبين ورات فيها تعبيرا صادقا عن الخيار الحر رغم السلبيات الي رافقت تلك الانتخابات الا انها كانت بداية بالاتجاه الصحيح للمسار الديمقراطي ويدور الحديث على اعتماد شكل اخر وهو اعتماد القائمة المفتوحة-المغلقة او مايسمى بالقائمة الجامعة للصيغتين وهو اسلوب يحول دون ضياع الاصوات .
آثام وخطايا
فيما يتبنى الكاتب فيصل المحنا فكرة جوهرية على قدرة الشارع العراقي باحداث التغيير وتحقيق المطاليب السياسية قبل السياسيين وتترجم الى ارض الواقع لانها نابعة عن موضوعية وتجربة مختزنة في العقل الجمعي والحس الوطني الشعبي وما يدور الحديث حول القائمة المفتوحة ومدى تميزها عن المغلقة التي ابتلينا بها سابقا واستمرت عقابيلها حتى اليوم فقد استشف الكثيرون من ابناء الشعب الذين فتحوا عيونهم على ديمقراطية زجت لمجلسهم النيابي بمن لايمثل طموحاتهم واوقفتهم امام وجوه لاتحسن غير جمل الانشاء الضعيفة والتنظير الساذج والخطابية الواهنة التي لاتسمن ولاتغني عن جوع واضاف المحنا واسفرت مطالب الشعب معلنة رغبتها في الانتخابات القادمة ان تكون القوائم الانتخابية مفتوحة وخلاف ذلك سيكون العزوف عن صناديق الاقتراع وهذا احتجاجهم الممكن والوحيد وففي حالة التلكؤ في التصويت على قانون جديد للانتخابات والتباطؤ بأقراره من مجلس النواب الحالي فسيكون التاريخ اول من يرفع لافتات الادانة والتوبيخ لمن امتلات جيوبهم وقل عطاؤهم في اروقة الشعارات والوعود اما اذا اقر القانون بعد مناقشته واجراء التعديلات اللازمة فهذه سابقة تاخرت قليلا ومأثرة تستحق التقدير.
النزاهة والكفاءة
وتساءل الكاتب فاضل الخياط في بداية حديثه عن اشكالية القائمتين والجدل الدائر حولهما قائلا: ان القائمة المغلقة لم تنصف الناخب العراقي ولم تلب طموحاته المشروعة بل الحقت ضررا كبيرا به وبمستقبله والعملية الديمقراطية برمتها فتسلل نواب على غفلة من الوعي الى قبة البرلمان والقائمة( سيئة الصيت) مطعونة بشرعيتها لانها مارست اشكالا من التجهيل والتعمية المقصودة وأقترح الخياط الى عرض اسماء القوائم المفتوحة قبل فترة مناسبة امام الشعب قبل الانتخابات ليتسنى للناخب التصويت لمن يراه نزيها وكفوءاوبذات الوقت ستكشف القائمة المفتوحة عري المنتفعين والراغبين بالمحاصصة والتوافقات السياسية.
الغايات الخاصة
واستقرأ الكاتب والتربوي سعد السوداني المشهد السياسي بتمفصلاته وتجاذباته وخلص للقول ان ما يطمح اليه المواطن اليوم رغبته باعتماد القائمة المفتوحة والدوائر الانتخابية المتعددة لانها تحقق قدرا كبيرا من الصدقية في النتائج الختامية التي لاتسمح بحدوث ثغرات يتسلل من خلالها التزوير والعناصر غير الكفوءة عبر القائمة المغلقة او الدائرة الانتخابية الواحدة وعول السوداني على منظمات المجتمع المدني لتأخد دورها في توجيه الناخب المناسب بحرية دون املاءات مسبقة ورفض القوائم المغلقة
لماذا؟!
بعلامة استفهام كبيرة تساءل الشاعر علاء السراج عن اصرار البعض من المنضوين داخل القوائم الانتخابية على اعتماد القائمة المغلقة التي الحقت ضررا فادحا بالعملية الديمقراطية وأخرت على مدى السنين الاربع العجاف انجاز مهامها الوطنية في البناء والتنمية وتحقيق مانصبو اليه في تاسيس مجتمع مدني متقدم ولعل الخلل الواضح في اداء مجلس النواب وتعطيل التشريعات والاصرار الحصول على الامتيازات اعطت صورا يشوبها الخلل للمجلس النيابي واضاف السراج قائلا: لايكفي ان تكون القائمة مفتوحة للناخب بل التأكيد في حالة اقرار قانون الانتخابات الجديد ان يرفع من سقف التحصيل الاكاديمي للمرشحين لضمان وصول نواب اكفاء لقبة البرلمان من ذوي الخبرة والمهنية والعلمية يسهمون في ترسيم الاطر المستقبلية لتجربة ديمقراطية ناضجة قادرة على ايجاد الحلول والبدائل.ولم يخف مخاوفه من عمليات ممارسة الضغوط والاملاءات من جهات متنفذة لتحويلها عن مسارها الحقيقي.