لكن الحسين قدم في معركة الطف انموذجاً للعالم من التضحية والولاء وهي التخلي عن اهله واصحابه في سبيل الله من اجل الاصلاح ورفض الظلم والطغيان واحقاق الحق واحياء الدين والامر بالمعروف والنهي عن المنكر .
ان المعركة انتهت بصورة انتصار الدم على السيف وانتصار الحق على الباطل من خلال المشهد الحالي وهو ان الحسين بعد ١٤٠٠ سنة يمجد ويذكر على منابر العالم وعلى إلسنة المسلمين وغيرهم ويندب له كل جبين ويذكر مصابه في جميع الاوطان ومن مختلف الاديان . وفي المقابل يلعن ويسب اعدائه وقاتليه لعناً شديداً لما فعلوا بالحسين الى يوم القيامة والى ابد الابدين ...
فقد علمنتنا هذه الملحمة العظيمة ان مع الحسن كل هزيمة انتصار ... وبدون الحسين كل انتصار هزيمة , فالحسين بالعدة والعدد القليل من الاصحاب والموالين انتصر بالتاريخ والتضحية وكان عطاه مميزاً وناضجاً .
فليس الكثرة لها تأثيراً واضحاً في الحياة , فقد يكون مجرد عدد وليس له مشروع واضح والحسين خير مثال يستضاء به فالحسين (منهج وعطاء) . واشار القرآن الكريم في عدة آيات على ذلك : (( وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة )) وبعكسه حول الكثرة (( واكثرهم للحق كارهون )) اذا نستخلص من هذه الدلالة ان العدد ليس منهجاً للعطاء او الكثرة هم الاصح . فلابد من ان نبذل الجهد في اختيار الصالحين لقيادة البلد الى بر الامان حتى وان كان لديهم الانصار قليلين فالمعيار في الاختيار هو المنهج والعطاء في مشروعه الوطني لا في عدده وانصاره .