لكن مع الاسف فان اهم النتائج التي افرزتها الازمة التي يعيشها العراق اليوم هي عودة سيطرة المتشددين على الشارع السني بحيث ان الاصوات المعتدلة داخل هذا الشارع بدأت يقل تأثيرها او لا يسمع لها صوتا اصلا .....
في المقابل أخذت بعض القوى السياسية الشيعية بتشديد خطابها الطائفي وبنت خطتها في معالجة الازمة بالحديث لجمهورها الشيعي على ان ما يحصل هو مخطط ومؤامرة مدعوة من قوى اقليمية الهدف الاساسي منها هو انهاء السيطرة الشيعية على ادارة شؤون الدولة والحكم وبهذا بدأت هذه القوى بتحشيد هذا الجمهور تحشيدا طائفيا وأخذت تتشدد في خطاباتها تشدد طائفي في مواجهة تحركات الشارع السني.
وهنا اود طرح عدة اسئلة ومناقشتها خلال السطور القادمة اولها هل من مصلحة الشيعة في العراق ان تكون الاطراف السنية المتشددة هي المسيطرة على الشارع السني؟ ام ان المطلوب ان يعمل الشيعة على دعم الاصوات السنية المعتدلة وتوفير المناخات الضرورية لاعادة قوة وتأثير هذه الاصوات المعتدلة داخل شارعها؟
وهل صحيح ما قامت به بعض القوى الشيعية في مواجهة تحركات الشارع السني من خلال تشديد خطابها الطائفي؟ وتحشيد الجمهور الشيعي طائفيا وانزاله للشارع ليتحول الصراع من صراعا سياسيا الى صراع اجتماعي طائفي؟
وان كنا نتحدث عن وجود مخطط او مؤامرة تدار من خارج الحدود الهدف منها انهاء سيطرة الشيعة في ادارة الدولة والحكم وهنالك الكثير من الدلائل والوقائع تجعلنا نقتنع كثيرا بهذا الطرح خاصة ما قامت به قناة الجزيرة وبعض القنوات العراقية والعربية من اهتمام كبير ومثير للريبة بالتظاهرات والتركيز عليها لدرجة انهم قدموا احداث تلك المظاهرات على الحدث السوري الذي يعتبر هو الحدث الاهم اقليميا ودوليا.
فان كان هنالك مؤامرة لماذا لا نأخذ بالحسبان ان من خطط تلك المؤامرة هو جر الشيعة لهذا الصراع الطائفي وبالتالي ادخال البلد في نزاع طائفي جديد يقوم بتصفير كافة الانجازات المتحققة خلال السنوات السابقة والعودة الى المربعات الاولى كما يسميها البعض؟
اذا فقد يكون هذا التحشيد الطائفي الذي نعيشه اليوم له مردودات سلبية اكثر بكثير من ايجابياته.
في حين نسمع البعض يقدم افكارا مثل الانتخابات المبكرة للخروج من عنق الازمة وعودة الامور الى مسارها السابق ولكن البعض يسأل ان كان المتشددين اليوم هم المسيطيرين على الشارع السني فبالتأكيد ان نتائج الانتخابات ستكون لصالحهم في المناطق السنية والوضع الداخلي والاقليمي لا يسمح مطلقا بتشكيل حكومة دون مشاركة الاخوة السنة فهل سيكون للمتشددين الفائزين رغبة بالجلوس على طاولة حوار وما هو سقف المطالب التي سيقدموها في حال جلسوا على تلك الطاولة؟
اذا كيف يمكن ان يكون الحل؟ لماذا لا نفكر بمحاولة سحب البساط من تحت اقدام الاصوات المتشددة التي سيطرت اليوم على الشارع السني بسبب مجموعة من الاخفاقات في ادارة الدولة من خلال الاستجابة لمجموعة من المطالب المشروعة التي رفعها المتظاهرين حتى لو كان هنالك نوعا من التنازلات البسيطة وهذا يرافقه نوع من التهدئة والدعوات الحقيقية للجلوس على طاولة الحوار وبالتأكيد فان جلسات الحوار سيكون فيها صدى الاصوات المعتدلة اكبر بكثير من الاصوات المتشددة عكس ما يحصل عند النزول للشارع، وبهذا فاننا حققنا احد اهدافنا في عودة تأثير الاصوات المعتدلة ومسك زمام الامور داخل الوسط السني وهذا كله يرافقه ايقاف الخطابات الطائفية والتحشيد الجماهيري الطائفي داخل الوسط الشيعي لكي نضمن عدم انجرار الشارع الشيعي نحو التشدد ايضا.