كذلك في عالم السياسة.. فعندما يفسر كل طرف الدستور والقوانين كما يشاء، وقواعد العملية بما يوافقه، ويرفض ما يلزمه.. فان العملية ستفسد ويصيبها العطل والخراب. ونستعرض مثالين –والامثلة كثيرة- لبيانات ومواقف تكشف اننا نمارس السياسة بهدف الفوز حسب قواعدنا واحكامنا وبجمهور خاص بنا.. وليس حسب القواعد والاحكام المقبولة للجميع.. وبجمهور الوطن كله.
يقول نائب "نحن لا نوافق على الاستجواب او سحب الثقة".. والحقيقة ان الاستجواب لا يتعلق بموافقة النائب او حتى اغلبيتهم.. بل هو اجراء يحركه ٢٥ نائباً او رئيس الجمهورية (المادة ٦١)، فان حصل بشروطه، فيصبح واجباً على رئيس مجلس النواب تنفيذه.. اما نزع الثقة فهو امر اخر ولا يتحقق الا بالاغلبية المطلقة للمجلس بالنسبة لرئيس الوزراء وبالاغلبية في حالة الوزراء والهيئات.. ولا ينتهي الاستجواب بتصويت الثقة بالضرورة.
يقول اخرون انه "يجب حل البرلمان واجراء انتخابات مبكرة وتشكيل حكومة انتقالية". لكن الانتخابات المبكرة لا تجري الا عند حل البرلمان.. ولا توجد سلطة لحل البرلمان سوى البرلمان نفسه باغلبية اصواته، او انتهاء الدورة التشريعية. فتصويت المجلس بالاغلبية المطلقة لعدد اعضائه ضرورة، حسب المادة ٦٤. رغم اجتهاد البعض مؤخراً ان موافقة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء تكفي لحل البرلمان.. وهذه قراءة مغلوطة للمادة اعلاه.. والواضحة تماماً من ان تحريك الاجراء يكون بطلب ثلث الاعضاء او رئيسا الوزراء والجمهورية.. اما القرار النهائي فيعود للاغلبية المطلقة للبرلمان.. واهم من ذلك ان نظامنا برلماني وليس رئاسي بموجب المادة الاولى.. فالبرلمان يصوت لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.. فكيف يمكن لهما حله، والبرلمان ينتخب مباشرة من الشعب وهما ليسا كذلك. واذا ما حل البرلمان فتعتبر الحكومة مستقيلة، وتتحول الى حكومة تصريف اعمال، لحين تشكيل حكومة جديدة، ولا وجود لحكومة انتقالية.
عادل عبد المهدي