وقد يكون من المناسب التذكير باسباب تصاعد حدة الخلاف بين بغداد واربيل لنعرف ان ما تم الاتفاق عليه من قبل فريق المالكي قبل ايام هل ياتي ضمن السياقات القانونية او ضمن التوافقات السياسية واتفاق اربيل الذي كان محوره دولة رئيس الوزراء نوري المالكي ومسعود بارزاني وباختصار فان سبب الازمة ليس واحدا وانما اسباب متعددة منها ما يدخل في صميم وضع الاقليم ومنها ما يتعلق بالتوافقات التي جرى التوقيع عليها في الاقليم ويمكن اعتبار الشق الاول هو المهم طالما ان الاخوة الكرد يعتقدون ان تحقيق مصالحهم هو الهدف الاسمى في طبيعة التحالفات التي تربطهم مع الاخرين.
ويمكن اعتبار تشكيل قيادة قوات دجلة المثيرة للجدل وتسديد التخصيصات المالية لشركات التنقيب عن النفط والغاز في الاقليم ورواتب البشمركة وموازنة الاقليم ثم ياتي موضوع غلق مكتب حكومة كردستان في بغداد عوامل مباشرة لتصاعد لهيب نيران الخلاف بين الطرفين وياتي النكوث في تطبيق اتفاق اربيل من قبل المالكي من العوامل غير المباشرة في زيادة ارتفاع لهيب الخلاف.
وتسبب الخلاف بين بغداد واربيل بردات فعل متباينة على الطرفين ففي الوقت الذي عزز موقف بارزاني ووحد صفوفه امام ابناء جلدته في وقت كان يعاني كثيرا تسبب على الطرف الاخر بتشتت وانقسام في البيت الشيعي بين من يرى ان الكرد حليف استراتيجي لا يمكن التفريط به حتى مع المطالب الكردية التي لا تنتهي وبين من يرى ان الوقوف بوجه الكرد امر لا بد منه وان التحالف اصبح من ذكريات الماضي على راي سامي العسكري ودولة القانون الا ان هذا لا يمنع من القول ان المالكي استفاد من هذا التصعيد بعد ان استغل العنصر القومي وحقيقة اطماع الكرد لكن هل بقي المالكي مصرا على ما سعى اليه من تحشيد الشارع الشيعي الذي تعاطف مع المالكي بضرورة عدم الاستجابة لمطالب الكرد التي تتعلق بالزحف على المناطق العربية (السنية والشيعية) والمطالب المادية.
للاسف فان المالكي بعد ان تسبب بشرخ كبير في العلاقة مع الاخوة الكرد كادت ان تطيح بالتحالف الاستراتيجي وتمكين الاخرين عاد من جديد يطرق ابواب الكرد ويعطيهم اكثر مما يريدون بعد ان استفحل خلافه مع العراقية ومع اشقائه في التحالف الوطني والذي كان جزءا من الخلاف معه هو لعدم التفريط بالكرد عاد ليعطي الجمل بما حمل وليترك لمستشاره السابق امر التوقيع والبصم والختم على كل مطالب الاشقاء الكرد والتي تتمثل في حصة الاقليم ١٧% وتكفل رواتب البشمركة وتجميد قيادة قوات دجلة ودفع مستحقات شركات التنقيب البالغة اكثر من اربعة مليارات دولار امريكي.
السؤال هو لماذا افتعل المالكي الازمة مع الكرد ولماذا عاد الى كردستان يعطيهم كل ما يريدون فاذا كان الكرد على باطل فلماذا يستجيب الان وهل تغيرت الموازين واذا كانوا على حق لماذا افتعل الازمة ولم يعطيهم من قبل واذا كانت لا هذه ولا تلك وانما الامر كان متروكا للحوار والتفاهمات اذا لماذا لم يقدم المالكي على ارسال وفده منذ البداية ويعالج المشكلة دون شد وجذب وتصريحات نارية وعنتريات فارغة وتمجيد لمختار العصر.
لا ادري ماذا يقول انصار المالكي القومجيين ممن تشفوا بالكرد بعد ان عاد المالكي الى بوابات اربيل يوصل لها كل ما تطلب وتتمنى وهل لازال يمثل مختار العصر في الدفاع عن حقوق الشيعة ام ان هؤلاء سيعودون الى رشدهم قبل ان يضيع مختار العصر ويضيعهم معه.