وقبل ايام اعلن احد النواب عن ارقام مرعبة تمثل في مجموعها حجم موازنة العراق على مدى السنوات التي اعقبت سقوط نظام صدام في عام ٢٠٠٣ والتي قدرها باكثر من ٥٠٠ مليار دولار وهذا الرقم يصعب تخيله او حسابه وبامكانه ان يبني العراق ودول المنطقة جميعها باحدث المواصفات العالمية وينهي الفقر والتخلف ويجعل من بغداد وباقي المحافظات فينا او لندن او اي حاضرة من حواضر الدنيا وليس دبي التي نتحسر على ان نكون مثلها في وقت كانت دبي تمثل بغداد بالنسبة لها منتهى الاحلام.
موازنة العراق لعام ٢٠١٣ لا تختلف عن الحلقة المفرغة التي نواجهها كل عام وهي بشائر الخير قبل الاقرار ومعارك طاحنة اثناء الاقرار وفساد وضياع وهدر بعد الاقرار وليس ادل على ذلك هو انقضاء الشهر الثاني من العام ٢٠١٣ ولم يتم الاتفاق على اقرار الموازنة ولو فرضنا جدلا انها ستقر مطلع الاسبوع المقبل فان كتابنا وكتابكم سياخرها لاسابيع اذا لم تبتلع الشهر باكمله وهذا التاخير يمثل انتكاسة كبيرة في بناء الدولة وهدر المال العام وتعطيل متعمد للكثير من الممارسات اليومية للدولة ولابناء الشعب العراقي.
وقد يكون الاسوء في كل هذا هو هذا الاستنزاف المتواصل والضياع المبرمج للمال العام بسبب عدم اقرار الموازنة والذي يقدر يوميا بثلاثين مليار دينار ولو تم حساب هذا المبلغ على عدد الايام التي انقضت من السنة ولم يتم اقرار الموزنة فيها لوجدت ان الرقم مخيف وانه يكفي لبناء الاف الوحدات السكنية وبناء العشرات من المراكز والمصحات الطبية ومثلها مدارس وجامعات ومعاهد ويكفي هذا المبلغ لفتح مئات بل الاف الورش ومنح القروض الميسرة الصغيرة لتشغيل العاطلين وتاهيل الارامل والمطلقات.
ان مع الهدر المتواصل للمال العام تبرز مشكلة كبيرة في موازنة هذا العام وهي خلوها من كل ما من شانه ان يغير حياة المواطن نحو الافضل فلا تعيينات قادرة على استيعاب العاطلين ولا دعم للقطاع الخاص ولا مشاريع استثمارية تنهض باقتصاد البلد ولا بنى تحتية تعيد روح التجديد والتحضر انما سيبقى الحال على ما هو عليه وستقسم الموازنة الى تشغيلية ورواتب وعسكرة ،اما الجوانب الاستثمارية فتاجل الى موازنات اخرى.
ليس عدلا ان تهدر يوميا عشرات المليارات من الدنانير بسبب الخلافات الشخصية والحزبية وبسبب عدم الشعور بالمسؤولية في وقت يعاني الكثير من ضنك العيش وعدم وجود سكن حقيقي يليق بالانسان ويحترم انسانيته.