دعما لمشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية ٢٠١٣ م ،استضاف منتدى اضواء القلم الثقافي الاجتماعي في الساعة الثامنة من مساء يوم الجمعة الماضي الفنان التشكيلي عقيل خريف للمشاركة في فعاليات المنتدى ضمن منهاج موسمه الثقافي للعام الحالي ٢٠١٣ م .رئيس المنتدى المهندس لطيف عبد سالم العكيلي الذي ادار مجريات هذه الامسية ،افتتحها بعد الترحيب بالفنان خريف وجمهور الحاضرين بمقدمة موجزة لاهم المحاور الرئيسة المتعلقة بالثقافة والفنون ودورهما في ترسيخ قيم التسامح والمحبة والاسهام في مهمة تطوير البلاد وتنميتها ،وبخاصة الفن التشكيلي الذي يعده بعض المتخصصين تغبيرا عن تأريخ البشرية وحضاراتها ،ثم قرا على الحاضرين ملخص لسيرة الفنان عقيل خريف الذاتية تمهيدا لشروعه بإلقاء محاضرته الموسومة ( اساليب واتجاهات الفن التشكيلي ) بحضور حشد كبير من الاكاديميين والادباء والفنانين والمثقفين والوجهاء التي اشار في بدايتها الى ان الفن التشكيلي هو كل شيء يؤخذ من طبيعة الواقع ،ويصاغ بصياغة جديدة تجعل منه تشكيلاً جديداً ،ما افضى الى اطلاق كلمة (التشكيل) عليه ،واضاف ان التشكيلي هو الفنان الباحث الذي يقوم بصياغة الأشكال آخذاً مفرداته من محيطه ،وان لكل إنسان رؤياه ونهجه الذي ادى الى تعدد المعالجات بهذه المواضيع واضطرار الباحثون في مجالات العطاء الفني الى وضع هذه النتاجات تحت إطار ما يعرف بـ ( المدارس الفنية) .وضمن خريف محاصرته ملخصا عن اهم المدارس الفنية والتي كانت حضارة اكد وسومر اصلا لبعضها .ومن جملة المدارس الفنية التي تحدث عنها الفنان خريف المدرسة الواقعية التي تنقل كل ما في الواقع والطبيعة إلى عمل فني طبق الأصل ، بوصفها مجمل رصد لحالات تسجيلية كما اقتضاه الواقع من حيث الظروف السياسية والاقتصادية والدينية في ذلك العصر ،فضلا عن رصد عين الكاميرا الفوتوغرافية واقع معين يخص المجتمع في عالم اليوم ،مضيفا ان الشئ المهم الذي يميز هذه المرحلة هو توثيقها لمجمل الشخصيات التي كان لها دورها الاجتماعي والسياسي والديني حينذاك ،ثم عرج الباحث على مفهوم المدرسة التنقيطية موضحا قيام بعض الفنانين الانطباعين بعد عام ١٨٠١ بانتهاج أساليب فردية في محاولة لإضافة ما يعرف باسم (قسوة الخطوط) إلى اللوحة .وقد أدى هذا الاتجاه بـ (جورج سوراه) إلى التمادي في فصل الألوان على الطريقة الانطباعية إلى حد تقسيمها إلى نقط صغيرة ملونة متمازجة ، وهكذا ظهر إلى الوجود أسلوب جديد ومدرسة جديدة هي التنقيطية .واشار الى تميز هذه النزعة بتفتيت الإشكال مع بقاءها متفقة مع الانطباعية باختفاء الموضوع فيها ،مؤكدا في الوقت ذاته على ان التنقيطية وأمها التأثيرية شكلت رد فعل على ما سبقها من المدارس التي كانت تتمسك بـ (الموضوع ) .وعن المدرسة الانطباعية ذكر خريف ان هذه المدرسة التي من رموزها الفانيين ادوار مانيه ، سيزان ،ادغار ديغا ، رينوار ،وكلود مونيه تميزت بحمل الفنان مرسمه وخروجه للطبيعة متخلىا عن المراسم والغرف المغلقة ،حيث كان هناك ما يسمى بالرصد لتلك الحالة المتجلية في الهواء الطلق ؛ ليضفي الفنان على عنصر المشهد الماثل أمامه حالة حسية انطباعية لها علاقة مباشرة مع إحساسه بالمشهد بطريقة حسية سميت بالانطباعية .وقد تميز أعمال الانطباعيين ومنهم الفرنسيين بشكل خاص في تركيز الفنان على عنصري الظل والنور .وعن المدرسة الرمزية اشار خريف الى ان الفن الحديث تعود بداياته الى ايام ظهور الانطباعية التي شكلت حدثا مهما ؛بالنظر لتزامنها مع الثورة الصناعية التي حدثت في اوروبا ،فضلا عن اكتشاف نيوتن للموشور وظهور مجموعة من الشباب المثقف الذين كانوا يجتمعون على ضفاف نهر السين .على ان الشئ المهم ضمن هذا السياق تجسد باكتشاف ( عصارة الالوان ) التي سهلت على الفنان حمل ما يحتاجه من ادوات خارج المرسم .وختم الفنان عقيل خريف محاضرته بالإشارة الى الفن التركيبي او التجميعي ،مؤكدا دخوله هذا الاسلوب بفعل حبه العميق للبيئة المحيطة به ،منوها في الوقت ذاته الى ان تزايد النفايات في الشوارع والازقة تحتاج الى تظافر كل الثقافات للحد منها ،حيث ان البيئة توصف بانها الام التي انجبت كل ما موجود عليها .واضاف الفان خريف الى ان هذا الاتجاه لا يعد جديدا على حركة التشكيل ؛لكونه موجود في العالم ،ولاسيما الولايات المتحدة الامريكية ،الا انه يشكل مساحة صغيرة في البلدان العربية ؛بالنظر لتقلص الاهتمام المتخصصين به جراء ضعف وعي المتلقي بالأساليب المذكورة وانشغاله بالمدارس الكلاسيكية والواقعية التي تحاكي الواقع .وبعد انتهاء الفنان الضيف من عرض محاضرته اجاب على اسئلة الحاضرين التي عبرت عن اهتمامهم بموضوع الفن التشكيلي ومختلف مدارسه ورغبتهم في معرفة المزيد عنه ،وبخاصة الفن البيئي الذي ابدع فيه الفنان التشكيلي عقيل خريف .وقد كان لرئيس المنتدى الاسبق المهندس محمد الواسطي نصيبا من الحديث الى الجمهور عن مسالة الامسيات الثقافية ومنهاجها ،اضافة الى طبيعة المواضيع التي جرى الاتفاق عليها من قبل الهيئة الادارية للمنتدى من اجل الاسهام بزيادة الوعي وتدعيم مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية ٢٠١٢ م .وتعبيرا عن تثمين الهيئة الادارية لمنتدى اضواء القلم الثقافي الاجتماعي لمشاركة الفنان التشكيلي عقيل خريف في فعالياته الثقافية ،اضافة الى نتاجه الابداعي ،جرى منحه شهادة تقدير في اخر فقرات الامسية ،حيث قام رئيس المنتدى بتسليمه شهادة التقدير وسط ابتهاج الحضور .
المهندس لطيف عبد سالم العكيلي / باحث وكاتب .