هناك قاعدة تسمى قاعدة التزاحم ومفادها ان مجموعة الاولويات اذا تزاحمت فعلينا ان نختار الاهم فالاقل اهمية وهكذا دواليك ، وهذا يعني ايضا ان سلم اولوياتنا يجب ان يكون وفق هذه القاعدة . وهذه القاعدة تعمل ما دامت هناك حياة ، ذلك ان الحياة مليئة بالاولويات وترتيب هذه الاولويات من الامور التي تنظم حياتنا وتؤثر في عملية مضيها قدما ، الحقيقة ان العراق اليوم بحاجة ماسة الى تنظيم سلم اولوياته اكثر من اي وقت اخر ، اذ ان هناك منظومة من المشكلات تنذر باخطار محدقة توشك ان تنفجر من شدة تزاحم الازمات فيها ، وبما ان الازمات كثيرة ومتلاحقة فلابد ان تكون هناك مجموعة كبيرة من الحلول توازي الكم الهائل من المشكلات قطعا ، ولكن هذه الحلول تصطدم بآليات وبجداول وببرامج كثيرة فضلا عن الروتين الممل ، لذا فان اللجوء الى قاعدة التزاحم بات امرا لابد منه .
لفتت انتباهي الكثير من صور مرشحي الانتخابات البلدية والتي تظهر اشخاصا كانوا يعملون في الجانب الخدمي وهم يخوضون في مياه الامطار وقد ظهرت احذيتهم غائصة في برك المياه المتجمعة نتيجة الامطار ، صور كثيرة يظهر فيها المرشح وهو ( متسرفن) ويمشي خلفه حمايته الذين (تسرفنوا) ايضا وغطت احذيتهم في المياه ، هذه الصور تشير الى امرين لا ثالث لهما ، الامر الاول اننا واعني نحن المواطنين مدينين لهؤلاء بالفضل وعلينا ان نشكرهم وان ننتخبهم مرة ثانية وان نرفع ايدينا الى الباري عز وجل ان يطيل اعمارهم واعمار حماياتهم واعمار اقاربهم وكل من يمت لهم بصلة ، لانهم كانوا قريبين من المواطن في لحظة الغرق ، ثم انهم بللوا احذيتهم الثمينة من اجل العراق والمواطن وانهم مضطرون لشراء احذية جديدة بعد كل (مطرة) وهذا لعمري هو الايثار والتضحية والعمل الانساني العظيم ، نعم فحذاء المرشح اعز علينا من ان تبتل بالماء او ان يتفطر جلدها النفيس .
الامر الثاني هو ان هذا المرشح كان عليه ان يعمل خلال فترة تسنمه المنصب الخدمي الذي كان يشغله من اجل ان لا تغوص شوارع المدن بمياه الامطار والمجاري افضل من ان يدخل في برك المياه ويعرض حذائه للتلف ، ويجبر المصور الخاص به ان يلتقط صورا كثيرة سيضعها في برنامجه الانتخابي المقبل ، اذ لو عملنا على هذا المنوال فسوف لن يكون هناك شارع خدمي غير قابل للغرق مع اول زخة مطر تهطل على ارض بلادنا الحبيبة ، ولكان على المسؤول الخدمي ان يشتري عدد من الاحذية بقدر المرات التي ستتساقط فيها الامطار في العام المقبل اي ان (درزن ) احذية سيحل الموضوع ، او ربما سيكون برنامج المرشح الانتخابي يعتمد بالدرجة الاساس على مجموع الاحذية التي سيتلفها خلال فترة توليه المنصب .
اذا عدنا الى قاعدة التزاحم فان العقل يقول ان العمل على تبليط واكساء شوارع المدن وتأسيس مجارير الصرف الصحي ومجارير تصريف مياه الامطار اولى بكثير من الخوض في مياه الامطار وصرف الاحذية ونشر صور المرشــــــح وهو ( يجفص) .