وكذلك تلعب دورا كبيرا في توسيع رقعة طبقات الفقراء والمحرومين، ذلك لأن المال المستحوذ عليه من قبل المقاول وحلقاته لايمر أحيانا ضمن دورة مالية طبيعية في المجتمع، وأن أغلبه يرضخ لعمليات غسيل الأموال، بسبب الفساد المذكور.
وهي لاعب فعال-أي آلية المقاول- ومؤثر في افساد بعض ذوي النفوس الضعيفة من الموظفين وجرهم إلى ممارسة ارتكاب الرذائل، وتوريطهم بتعاطي الرشا بمختلف الوسائل والطرق المنحرفة ، على حساب التقييس والنوع والجودة والإبداع.
لم نجد من هذه الآلية، إلا التلكؤ في انجاز الأعمال وتردي الخدمات، وافساد بعض حلقات المجتمع، بطرق الغواية "والإخواء" واحيانا بالابتزاز.
ضياع الأموال وسرقتها من قبل بعض المقاولين والهروب بها إلى جهة مجهولة وبمساعدة وتستر ممن تورط معهم في عملية الفساد والافساد وحيازة الأموال، دون تسليم العمل،أصبحت ظاهرة عرفية مستفحلة، وسمة من سمات التسيب والاستهتار!!
ولم نحصد من بعض المقاولين إلا اعمالا خاوية أغلب ما انجز منها لا تستوف الحد الادنى من الشروط والمواصفات المتعاقد عليها، والتأخر كذلك في تسلم أغلب المشاريع، الذي أصبح صفة سائدة في هذا المضمار، والذي يمر دون حساب أو تدقيق في أغلب الأحيان، وأسباب ذلك معروفة للجميع.
نتساءل ترى.. هل أن هذه الآلية نفسها معتمدة لدى الدول التي ساهمت في تطوير بلدانها؟ على نحو أن أي إنسان -والعراقي بالذات- إذا اطلع على تفاصيل تلك الحالة يقف إزاءها متحسرا ومبهورا!!
الجواب كلا والف كلا، وهذي إيران هي أقرب دولة لنا من ناحية الجوار، نستطيع أن نستفيد من خبراتها وتجاربها في هذا المجال، وبامكان أي شخص ما، أن يزورها ليلمس الاعمار الحكومي، المتوافرة فيه كافة دواعي الابداع والدقة والجمال والعمل الدؤوب المتقن بموارد ومهارات بشرية محلية خلاقة.
يجب علينا أن نبحث عن آليات جديدة بديلة معتمدة وفعالة، لتحل محل هذه الآلية المتهرئة والمنتهية الصلاحية، إذا اردنا الخير لبلدنا ولشعبنا، ولأجيالنا اللاحقة ...وتبديلها بآلية جديدة متطورة معتمدة في البلدان، وبلدان الجوار خاصة، وأن تغييرها يعني لنا الكثير، وأهم مافيه غلق أكبر باب من أبواب الفساد، وأنقاذ مايمكن انقاذه من اضاعة وهدر للأموال والعطاءات.
وخلال هذه الفترة الانتقالية يمكن الاعتماد على أسلوب التنفيذ المباشر في الانجاز ، من خلال تشكيل اللجان في انجاز الأعمال والمشاريع الصغيرة(لجان رأي)، على أن يكون أعضاء اللجنة الواحدة من ثلاثة اشخاص أو أكثر ممن يخافون الله، ومن المشهود لهم بالخبرة والاخلاص من أهل الحل والعقد من المواطنين، ولحين ايجاد وإقرار ألية بديلة جديدة، تحل محل آلية المقاول.
ونحن على ثقة عالية أن المشروع الذي يرسو عطائه على مقاول ما، ب (٦) مليار على سبيل المثال، ينجم عنه تسلم بمواصفات غير مستوفية للشروط، لو قدر له أن يسلم هذا العقد إلى لجنة ما، ب(٤-٣) سيكون التسلم بمواصفات أفضل ومستوفية للشروط وضمن المدة المقررة، وفي حال إذا ربحت تلك اللجنة ف"هنيئا لهم ومريئا"، حالهم من حال المقاول الذي هو ليس بأفضل منهم في جميع الأحوال، وهو شخص مواطن، كأي شخص و "ماانزل الله به من سلطان".
"وعسى الله أن يغير ما بقوم، حتى يغيروا مابأنفسهم"
علي الحاج