وجانب من تلك الانتقادات والملاحظات والمؤاخذات تطرح من قبل جهات وشخصيات سياسية لها اجنداتها الخاصة، او انه مطلوب منها ان تنفذ اجندات ما لقاء ثمن او اثمان معينة مادية كانت ام سياسية، وبما ان الطرح هنا قد يكون محكوما بدوافع واهداف سياسية معينة فأنه ربما يصدق عليه مبدأ "كلمة حق يراد بها باطل"، او قد يقال ان الجهة الفلانية وكجزء من مساعيها لاضعاف الحكومة والدولة على وجه العموم وافشال العملية السياسية او للحصول على مواقع هنا وهناك، تثير مشاكل وازمات وهموم الناس وتوظفها بأتجاهات معينة، من دون ان يعنيها كثيرا ما يعانيه اصحاب تلك المشاكل والازمات، ولايعنيها كثيرا ان وجدت طريقها الى الحل ام لم تجد، اذ ان ما يعنيها هو اضعاف الخصم السياسي وافشاله والعمل على ابعاده عن دائرة السلطة والقرار بأية وسيلة من الوسائل.
ولاشك اننا في العراق وفي مرحلة ما بعد السقوط شهدنا ظواهر وحالات كثيرة جدا من هذا القبيل، وقد يكون ذلك موجودا وقائما في مختلف البلدان والمجتمعات التي تتنافس وتتصارع فيها احزاب وقوى وشخصيات سياسية متنوعة من اجل الوصول الى السلطة، بصرف النظر عن اهداف ودوافع كل واحد منها.
ويختلف الامر هنا حينما يقوم طرف ما يعد فوق حسابات الربح والخسارة على الصعيد السياسي وهو غير داخل في غمار لعبة التنافس السياسي واستغلال مشاكل وازمات هذه الشريحة الاجتماعية او تلك لتحقيق مكاسب ما، بتشخيص مواطن الضعف والقصور والخلل والتأشير اليها بوضوح ، فأن الامر لابد ان يكون مختلفا، ولابد ان يتم التعاطي مع الملاحظات والانتقادات والمؤاخذات على الاداء الحكومي بطريقة اخرى تختلف عن طريقة التعاطي معها حينما تصدر من طرف سياسي يمكن افتراض ان اجنداته وحساباته السياسية تحتم عليه البحث عن الخطأ والزلل والضعف وتضخيمه وتهويله لا المساهمة في اصلاحه ومعالجته واحتوائه.
والمتابعة الجادة والموضوعية بعيدا عن الانحياز والمحاباة تمثل مدخلا رئيسيا للتعاطي السليم مع ملفات مهمة وحساسة، ربما كان ملف الفساد الاداري والمالي من ابرزها، ويوازيه في الاهمية والحساسية والخطورة ملف الارهاب.