بقى الملف الامني طوال العشر سنوات الماضية هو الهاجس الاكبر والتحدي الاصعب للحكومات المتعاقبة ولعله السبب الاهم في صعود ولمعان نجم رئيس الوزراء نوري المالكي الى الواجهة بعد ما تحقق من تحسن امني او استقرار نسبي او ما يعرف ويطلق عليه الامن الهش بعد ٢٠٠٦ مع هذا الوصف ومع هذه الاهمية بقت ملفات كثيرة تدار في العراق تحت ضغط الملف الامني والضرورة الامنية لتخرج العملية السياسية مشوهة ومشوبة بكثير من الملاحظات والاستفسارات وعلاملات الاستفهام والتي لم ولن يجد لها المواطن اجابة او حل مع ما به من احباط واستمرار نزيف الدم العراقي وانهيار الامن في كثير من الاوقات حد الكارثية والنكبة للمدن والوزارات والمكونات الشعب العراقي ...... فالملفات السياسية تربط مباشرة بالامن وتداعيات الوضع الامني ان لم تكن هنالك تصريحات وتوجهات وبرامج سياسية تخطط على مقاييس الوضع الامني وابقاءه في هذا الوضع واستمراره وادامته وكاننا نسير وفق توجهات تجار الحروب كما هو الحال في أي تغيير كبير يحدث خاصة مع زوال ملامح الدولة ومؤسساتها وبالصورة التي شهدها العراق اعقاب سقوط الطاغية وزوال الطغمة البعثية في ٢٠٠٣ فوضى عارمة وقادة حروب وخراب وفساد ممنهج وصل الى حد ان يكون ظاهرة ملازمة للواقع العراقي والحديث عنه من المسلمات وان كان غير مباشرا او مجملا او مقنعا ....كما يربط الوضع الامني بالحالة الاقتصادية فظهور قادة الحروب يجعل من مجموعات بعينها من اصحاب النفوذ الاقتصادي بما يحتاجه من اسلحة وافراد ومجموعات وامكانيات ليحقق انتصارات على ارض الواقع او ليثبت للجميع بانه موجود وتزداد امكانياته وسطوته وقوته بقدر ما يحقق من مكاسب لعنوانه وتوجهه على الارض ومساحة تحركة بحيث يملك مصير المجموعه ويؤثر على الاخرين بما ناله بالقوة تارة وبالمال تارة اخرى .....وما ينطبق على السياسة والاقتصاد ......وفي وضع مثل الوضع العراقي وبالخلفية المجتمعية المعروفة والوضع السياسي وتجارب الحكم والانظمة السابقة المؤلمة تبقى عوامل الخوف (التخوف من عودة الماضي والخشية من انقلاب المستقبل والمضي للمجهول ) والمؤثر الخارجي اللاعب على كل الاوتار منتجة لعدم الاستقرار وغياب للدولة الحقيقية ويبقى الرهان على الانتصار وكسب الوقت او سقوط الجانب الاخر (بتسقيطه تارة و بالغائه تارة اخرى او تهميشه واستهدافه سياسيا وامنيا ) بحجة الملف الامني او بقوة الاستئثار بالسلطة او الترويج بانه صاحب اطماع سياسية او ربما ينعكس الاتجاه بان تفسر كل تحركات الحكومة وقراراتها موجهة ضد مكون معين وان الهدف هو الاضعاف والتهميش و........ مع كل هذه الادلة وهي مستقات من الواقع العراقي والتجربة العراقية (وان كانت عموميات لكني اعتمد على ذكاء القاريء ) بقت الوزارات الامنية شاغرة طوال الاربع سنوات الماضية وهي طامة كبرى وخلل كبير مشخص من الجميع ففي وضع مثل الوضع العراقي والوزارات الامنية تدار بالوكالة (مهما كان الوكيل نابغة ومهني ونزيه ومخلص ) تبقى الوزارات بلا وزير تبقى الوزارات تعمل بلا ادارة وبلا غطاء وبلا عنوان ..... ولكي لايطول الحديث يجب ان يراعى في الوضع ا لامني والتحدي الراهن بعد صعود الخط البياني للعمليات الارهابية .. اولا الوضع الاقليمي (ازمة سوريا) والتسوية بين القوى العظمى مما سيؤثر سلبا في العراق مع امكانية اتخاذه بديل للجماعت الارهابية وملاذ امن لمرتكبي الجرائم والمتلطخة اياديهم بالدم السوري .... ثانيا قدم التجربة العراقية وان ما كان يصح في ٢٠٠٣ لايصح في ٢٠١٣ لان المواطن العراقي بات يعي كثير من التجارب وان ما كان يروج ويظهر على الساحة بات وبال على البعض خاصة مع الفشل الحكومي والنقص في تأدية الخدمات المقدمة للمواطن والتاخر الملحوظ في مختلف المجالات من طوابير ارامل وايتام وبطالة وفقر وجهل وظهور الطبقات المتخمة من السياسيين والموظفين الحكوميين والمقاولين .....ثالثا وهو الاهم يجب ان يطرح البديل فلا يمكن ان تغيب الحلول الامنية او ان لاحل لها وان المشكلة عصية فالبحث عن الحل سيعطي حجة للتغيير او الانقلاب او حتى الفوضى فلايمكن ان تبقى القضية الامنية للابد خاصة مع تكرار العمليات امنية والتصريح بالانتصارات وعن نهاية قريبة للارهاب وانه في انفاسه الاخيرة كما هو الحال في عملية (ثار الشهداء ) الا ان الارهاب عاد بقوة اكبر وبقسوة وباتساع دائرة العنف في العراق ليصل الى مدن الجنوب الامنة ....... رابعا يجب ان يشخص العامل الخارجي وان يفضح وان يحاسب فلا يمكن ايضا ان تراق كل هذه الدماء وتقيد ضد مجهول او ان المصلحة السياسيةلفرد او اتجاه ستضر فيبقى الحديث عمومي وبلا تحديد ولا يتىرتب عليه أي موقف بحيث تبقى الاحتمالات مفتوحة والنهايات مجهولة فدور دول مثل (قطر السعودية تركيا )بات مفضوحا في دعم الارهاب وتجنيد الجماعت الارهابية ودعمها بالمال والسلاح لقتل الشعب العراقي ...ودول مثل (ايران وامريكا )باتت تتجاهر في دورها في العراق فعلى العراق ان يتعامل مع هذه الدول بمنطقية وعلى المكشوف لكسب شيء وحيد اسمه انهاء الملف الامني والهاجس الامني للمواطن العراقي لاىتركه او التخوف منه او مداراته فالبحث عن الحلول والتفاوض والضغط باتجاه الخلاص هو السياسة التي يحتاجها العراق في هذه الفترة وبعد عشرة سنوات من النزيف لا الاستمرار في العمليات العسكرية المكشوفة والتحجج بالنقص الاستخباري والمؤامرة الخارجية ....بمراعاة هذه النقاط الاربعة يمكن الحديث بجدية وان تحاسب القوات الامنية عن الحلول او الاخفاقات وايجاد استراتيجية وخطط لانهاء الملف الامني اما باغفالها او غض الطرف عنها فسيبقى الحديث عن الملف الامني مجرد كلام وربما سنتجه نحو الفوضى الامنية الاكبر .....تحصين الداخل سياسيا ومواجهة الخارج واعطاء اولويات وتسليح واهداف عليا وتوفير غطاء امن للقوات الامنية ودعم مادي واعلامي ولوجستي بالنتيجة يمكن ان نتحدث بعد اشهر عن استقرار سياسي ونهاية الملف الامني او الكلام عنه على انه من الماضي الغير مرغوب بعودته ........