فالتواضع في الانجاز هو الذي يقود سواء على صعيد الفرد والجماعة والدولة الى تحقيق الانجازات الكبرى.. فالامور الكبيرة هي تراكم لامور صغيرة وبسيطة.. فالفكرة البسيطة تقود لفكرة معقدة.. والانتاج البسيط يقود لانتاج مركب ومعقد ومتصاعد.. ومعرفة معادلة الدرجة الاولى يقود لمعادلات الدرجة الثانية والمعادلات المعقدة.. وحسن التعلم في الابتدائي هو الذي يرقى بالانسان للتعلم في المعاهد العليا والجامعات ومعاهد الابحاث.
وللاسف ساد لدينا كمسؤولين وشعب منهج الادعاءات والتضخيم.. بل لعل الامر متلازم يولد احده الاخر ويقود بعضه لبعض. فتربية امير المؤمنين عليه السلام المنسوبة اليه تقول "ولا يستحين احد منكم اذا سئل عما لا يعلم ان يقول "لا اعلم"، ولا يستحين احد اذا لم يعلم الشيء ان يتعلمه". فعندما يسأل أحدنا عن شيء لا يعرفه يعز عليه ان يقول لا اعرف.. او ان يقول هذا رأي والله اعلم.. فالجميع مطلق في معلوماته واجاباته ومعرفته.
تسأل عامل البناء –مثلاً- عن مواد او طرق عمل لم يسبق له ان قام بها وتقول له هل سبق ان مارست هذا العمل او تعرف خفاياه.. فيجيبك اجابة الخبير.. ثم عندما تتورط معه تظهر الحقيقية واضحة وجلية. اما على صعيد المسؤولية فالطامة الكبرى.. فالكلام كله بالامور الكبيرة ولو نظرياً، وكأنه من المعيب انجاز الامور الصغيرة والمباشرة والعملية والبسيطة والمفيدة والممكنة والتي يمكن ان تهيء للامور الكبيرة. ان تبسيط الادارة وحسن التعامل مع المراجعين وانجاز المعاملات بالسرعة الممكنة.. وتقديم التفسيرات الايجابية لصالح المواطن قبل العوائق والتفسيرات السلبية وتوفير وسائل الراحة لهم بدل الانتظار تحت الشمس او الامطار وتنفيذ بعض المشاريع البسيطة التي تسهل ظروف العيش وتوفر النظافة وتقلل الضوضاء والازدحامات.. قد تكون الطريق لانجاز المشاريع الكبرى.. فانجاز المشاريع الصغرى افضل من استمرار الوعد بالمشاريع الكبرى.. بل نحن واثقون ان تربية التواضع والجواب بـ "لا اعلم" او هذا موقع لا استطيع عليه، وانجاز كل بسيط ممكن ومفيد هي التي تقود لتنفيذ المشاريع الكبرى.
عادل عبد المهدي