يطرح البعض هذه الموضوعات، مما يزيد حالة اللامبالاة وتسفيه الامور والاحباط لتحديث السجلات والذهاب للانتخابات.. ونجزم ان الاغلبية الساحقة من القائلين بذلك، هم من المخلصين، الذين مصالحهم الحقيقية مع الانتخابات.. وهم اعداد غير قليلة من الشرائح المحبطة، واحياناً المحطمة.. التي كانت تتوقع -عن حق- الكثير.. فتحملت الفشل والاهمال. بعد ان حجزت الطريق التشوهات والمحاصصة والفساد والطائفية والارهاب.. فولدت حالة من اليأس والتعميم وقبول الاشاعات والاتهامات. تنفع هذه المواقف المفسدين وتزيد الحالة سوءاً، وتضر المخلصين وتمنع التغيير.. فظاهرة الفساد في الدولة والمجتمع ليست ظاهرة شخصية اساساً.. بل ظاهرة متراكمة لنظم اخترقها الفساد.. بسبب الاموال السهلة وسوء استخدامها وانحراف التوجهات. وان مهمة الاعلام والديمقراطية والتفتيش والنزاهة والرقابة واللجان التحقيقية وكشفها مواطن الشبهة، تطغى على تأكيد الاصوليات.. فتبدو الخروقات وكأنها الحقيقة الوحيدة. اما تكرار الوجوه فهي حجة لفظية اكثر منها واقعية.. فالنواب الجدد الذين صعدوا للدورات التشريعية المتعاقبة كانوا اكثر ممن جدد العهد.. وان بقاء وجوه معينة، وفوز احزاب كبيرة، وبقائها في الصدارة لفترة، هو امر تشهده جميع البلدان. ومن الامثلة.. العمال والمحافظون (بريطانيا).. والمؤتمر الوطني (الهند) والجمهوريون والديمقراطيون (امريكا).. والاصوليون والاصلاحيون (ايران) والعدالة والعلمانيون (تركيا) والديغوليون والاشتراكيون (فرنسا). كما ان الاحزاب التي ترفعها الاندفاعات السلطوية والمالية او القومية والدينية والمذهبية او الطبقية والعشائرية، او خليط منها، هي من مثالب الديمقراطية.. فالديمقراطية ليست نظرية وممارسة مثالية لواقع مثالي، مصنّع، خالي من التناقضات والتدافعات وعوامل التأثير والضغط، بل اجراءات محددة بمؤسسات باتت معروفة، للوصول لاقرب تقدير لتمثيل ارادة الشعب واختيار نوابه . اما ان النظام الانتخابي والديمقراطي لدينا قد صمم حسب رؤية الاجنبي فهذا مجافاة للحقيقة، وغفلان لوقائع مريرة من الصراع.. الذي قادته المرجعية.. ولبت نداءه جماهير الشعب وقوى كثيرة.. لرفض الاحتلال و"المجمعات الانتخابية" القريبة لفكرة المضابط التي فرضها الانتداب البريطاني اثناء احتلاله للعراق.. وان مختلف النظم العالمية ولدت في ظروف معقدة، وفيها من الثغرات والنقاشات الشيء الكثير. وما يجعلها موضع قبول هو تقادمها، واتفاق الجمهور والقوى عليها، والقدرة على تصحيحها عبر الانتخابات والتغيير، ليس الا