من الناحية النظرية السياسيون رهينون بإرادة الشعب ، إما من الناحية العملية فيحدث العكس ، أصبح الشعب مرهون بإرادة السياسيين ، يحركونه متى وكيفما شاءوا ، وهذا يدعونا إلى أن نصف الانتخابات القادمة بالعزاء الأخر نظرا ً لمعطيات لا تدعوا إلى التفاؤل ، لكون البرلمان الحالي يناقش عدة مسودات لقوانين سيجبر البرلمان القادم على الالتزام بها إذا ما بقيت نفس المعادلات السياسية ، لكون البرلمان القادم لن يختلف عن ما هو موجود حاليا ً لان اغلب المسودات تدعوا إلى سيطرة رؤساء الكتل على الأعضاء مما يسلبهم حرية الاختيار والتصويت، حيث هناك مشروع قرار يناقش في أروقة البرلمان يدعوا إلى فصل النائب الذي لا يلتزم بتعليمات رئيس الكتلة ، مما يجعلنا إمام دكتاتورية جديدة تتمثل بعدة أشخاص ( دكتاتورية رؤساء الكتل ) وهذا يشبه برلماننا بالبرلمان الانكليزي في القرن الثامن عشر حيث سادة مقولة شهيرة في ذلك الوقت ( vote as you told) إي ( صوت كما تؤمر ) وكأننا في مدرسة ابتدائية وليس في برلمان منتخب كل عضو فيه لا يمثل نفسه أو كتلته أو طائفته وإنما يمثل الشعب كله من شماله إلى جنوبه .
ونخشى من انتقال مرض عدم ترتيب الأولويات إلى البرلمان القادم ، لان البرلمان الحالي قد تشبع بهذا المرض ، فيناقش ويختلف على قوانين ثانوية تاركا ً القوانين المهمة من غير إشارة لها أصلا ً وكان عليه بالأحرى إن يبدأ بإقرار قانون المحكمة الاتحادية وقانون النفط والغاز وقانون الأحزاب وقانون الانتخابات وغيرها من القوانين التي تشكل حجر الزاوية في عملهم التشريعي ، ولكنه غير مستعد لان يضحي بامتيازات ستُسلب منه إذا ما اقر هذه القوانين ، لأنه يريد أن يعمل من دون محددات أو قيود تاركا ً الشعب يعاني وسيبقى يعاني إذا لم يخرج من بوتقة الانغلاق الحزبي باحثا ً عن الأفضل والأصلح وإيصاله إلى قبة البرلمان القادم .