إما الفريق الثاني فيرى في السياسة أنها وجدت لصلاح الأمم وتسيير شؤونها ، بما يحقق مصالح الشعوب من اجل تقدمها والابتعاد عن الفوضى الناتجة عن احتكاك الإفراد ببعضهم والخلافات الناتجة عن تباين أهدافهم وطموحاتهم التي تتقاطع فيما بينها . ونتيجة لذلك بدأ يمارس السياسة عدد محدود من الناس يمتاز عن الآخرين ببعد النظر والحنكة والمهارة وعدة صفات أخرى تميزه عن الآخرين ، حيث تكون مهمتهم إدارة شؤون الجماعة ، بعد قيام الجماعة بتفويض السلطة لهذه المجموعة ، لينشغل الإفراد بحياتهم الخاصة ويهتم السياسيون بالنظام والخدمات ذات الطابع العام .
وعلى مر السنين انطبقت على السياسيين كلا النظرتين ( إلا عدد قليل منهم ) ، حيث يدعون بأن وجودهم إنما هو لخدمة الجماعة وتسيير الشؤون العامة ، وفي الواقع هم حقا ً كانوا محتالين لاهتمامهم بأمورهم الخاصة وما خدمة الجماعة إلا شعارات يتسابقون فيها في فترات الانتخابات .
ويستخدمون عدة استراتيجيات للسيطرة على الشعوب ليضمنوا بقائهم على رأس السلطة ومنها ( إستراتيجية الإلهاء ) التي تحدث عنها نعوم تشومسكي ، لأنهم على علم بعدم وعي الجماهير ، فإذا ما حدثت مشكلة وتوجهت أنظار الجماهير نحو هذه المشكلة ، يقوم السياسيون بإثارة مشكلة أخرى وتسليط الأضواء عليها لتغيير انتباه الجماهير وإلهائهم عن المشكلة الأولى وهكذا يستمر السياسيون بحيلهم والجماهير بغفلتهم وقلة وعيهم حتى يصلوا إلى مرحلة لا يمكن للسياسيين فيها من خداع الجماهير لانتهاء جميع الحجج التي يمكن أن يستخدمها السياسيين .
فيثور الشعب لإسقاط الحكومة وتغيير النظام وتفويض أشخاص آخرين لإدارة الأمور العامة يستطيعون إن يقدموا ما لم يقدمه سلفهم .
هذه معادلة نراها في جميع دول العالم إلا العراق فلا يمكن إن تطبق هذه المعدلة لان الجماهير العراقية على خلاف الآخرين وان كان لديهم الوعي إلا أنهم يفتقدون إلى الإرادة الواعية ، ومن دونها لا يمكن الحديث عن تغيير يغير المعادلات الحالية التي لم ولن تقدم للشعب ما يستحقه ويتمناه .