سواء اكان للجيش دوراً بارزاً في تاسيس النظم واعدادالقادة، او كان للجيش دوراً خفياً يبرز عند الازمات وتعرض الوطن لمخاطر داخلية او خارجية. لذلك ليس من دون معنى ان يأتي تأسيس الجيش بعام واحد قبل تأسيس الدولة العراقية في عام ١٩٢١. ولدوره المتميز فلقد استخدمه البعض –عن حق او باطل- كحل لمواجهة الازمات المحلية او الاوضاع المتردية وفساد النظام السياسي في علاقاته بشعبه وبالاجنبي، وهو ما حصل في الثلاثينات والاربعينات ثم في خمسينات وستينات القرن الماضي.. فصار الجيش ساحة للولاءات الحزبية والسياسية والمناطقية المختلفة.. وهو ما قاد في النهاية لسيطرة حزب ورجل واحد على تشكيلاته. فضُرب مبدأ مهنية الجيش، وبانه "سور للوطن يحميه ايام المحن"، وانه "فوق الميول والاتجاهات"، ليزج به في المغامرات الداخلية والخارجية، وما قادت اليه من انقسامات وحروب دمرت البلاد وقادت لسلسلة من التنازلات والكوارث الخطيرة التي عانت منها البلاد وما زالت. لذلك جاء الدستور صارماً في منع زج الجيش في الخلافات السياسية وفي عملية تداول السلطة. وهذا امر يجب ان لا يكون حبراً على ورق.. بل هو عقدٌ وعقيدة سياسية/ اجتماعية.. ان لم يحترمها القادة السياسيون او العسكريون، وغرقوا في اغراءات او حسابات اللحظة، متناسين ثوابتهم، فسيعيدون التاريخ الى الوراء.. خصوصاً وان القوات المسلحة تلعب اليوم دوراً خطيراً واساسياً وشجاعاً في التصدي "للقاعدة" و"داعش".. والذي يجب ان تكون نتيجته فرض القانون والاستقرار.. لنذهب الى انتخابات حرة نزيهة تعزز الديمقراطية والعملية السياسية، ليتمتع الشعب بمختلف مكوناته وشرائحه بحقوقه كاملة غير منقوصة. فقادة ورجال وطنيون ومخلصون كجعفر العسكري وعبد الكريم قاسم وناجي طالب استخدموا الجيش في مهام اعتقدوها خاصة ومحدودة، واذا بها تنقلب ليس عليهم فقط، بل لتتحول ايضاً الى بناءات كاملة غيبت دور الشعب.. ومهدت لمجيء ابشع النظم من حيث استبدادها وتعسفها، واغلقت افاق التطور نحو النظام الديمقراطي والدستوري، وتداول السلطة بالطرق السلمية.
عادل عبد المهدي