وأن يؤجلوا خلافاتهم مع غرمائهم في الوقت الحاضر والى اشعار آخر، وإذا أعتبروا هذا التأجيل " محنة" فهي ليست بأشد وقعا من محنة "وطن" جريح يعاني من الدمار والتقتيل وإستشراء الفساد، وتكالب قوى الشر والإرهاب لتمزيقه والعبث بخيراته وثرواته وفدراته البشرية والاقتصادية، ولا أشد محنة من مأساة "أب" قد فقد ابنه "فلذة كبده" في مجاهدة الإرهاب، أو من نكبة "أم" أثكلت بولدها، أو مصيبة "إمرأة" ترملت بزوجها، أو فاجعة "طفل" تيتم بفقدان " والديه" أو "أحدهما" بفعل " الإرهاب المشؤوم".
وأن يصبروا على هذا "الريجيم" كما تصابر أصحاب القرار في تأجيل اطلاق "الموازنة وقانون التقاعد الموحد" لسنوات عدة.
ليس الوقوف وحده بكاف كإشارة منهم على مدى عمق وطنيتهم وانتمائهم لهذا الوطن المعطاء فحسب بل بالمساندة الحقيقية الفاعلة، "بفعل"، أو "بكلمة"، أو "بموقف حسن"، أو "بإشارة ثناء" لجهود أبناء "القوات المسلحة والجيش العراقي الباسل" في مجاهدة الإرهاب نيابة عن العراقيين وعن كل شريف في العالم ينبذ الإرهاب، وذلك أضعف الايمان.
فإذا ارادوا الخير لبلدهم العراق من التقسيم والتمزق والاقتتال فعليهم أن يتمسكوا بهذه " القاعدة الذهبية" من أجل رفعة الوطن وسلامته، وأن يحافظوا عليه كبلد مستقل فيدرالي ديموقراطي محافظاتي متحضر وموحد وآمن شأنه شأن الدول الديموقراطية المتحضرة ذات الادارة الذاتية لأغلب الوزارات، خلا وزارات الخارجية والمالية والداخلية والدفاع، ووزارات مختلف الثروات، وهو أمانة في أعناقهم، أمام الله وأجيال المستقبل والتاريخ.
ولكن السكوت -وللأسف- هو السائد على الأجواء السياسية والإعلامية، ويكأنهم يقولون إلى مع من يختلفون معه في الرأي: " أذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون".
فكل المؤشرات تدل وتؤشر على أن هذا السكوت والصمت اللامبرر لشرائح كبيرة من النخب السياسية يقبع تحته ماهو أعظم من السكوت نفسه، فإذا عد السكوت على أنه نزعة شيطانية ماردة فالقابع تحته قد يعني في واحدة من تأويلاته أن الساكتين هم ممن نزغ الشيطان على قلوبهم وعقولهم وأبصارهم، فاتصفوا بصفاته وبكيدة،كطلب الإستثراء والمال، وطلب العافية والجاه والمنصب والنفوذ.
ولكن الأمر قد يتعدى إلى ماهو أسوء من ذلك، كالعمل لصالح أعداء العراق وشعبه المقدام في الداخل والخارج، وكإغداق ملحوظ في إنفاق الأموال الداخلة بطرق غير شرعية لتوجه إلى زعزعة الأمن وإشاعة الفوضى والاقتصاص، على فرض أن الأموال المغدوقة لهؤلاء مصدرها من المال السحت المغري القادم أليهم من بعض دول الجوار التي لاتريد الخير والاستقرار للعراق واهله، وتسعى جاهدة لزرع الفتن والتداعيات الخبيثة، أدناها الإقتتال الطائفي والقضاء التام على العملية السياسية برمتها، ولتحويل نظام الحكم فيه إلى نظام طائفي شمولي، ومن ثم تقسيمه إلى كانتونات وإمارات متصارعة تسودها دولة داعش الظلامية.
ولنذهب إلى ماهو أبعد من ذلك ولنضع الرجال تحت المجهر حتى يتبين لنا "الخيط الأبيض من الخيط الأسود" من الحقيقة، بإمارة أن الخلافات السياسية مع المركز خلافات محسوبة ومبيتة لصالح أجندة خارجية وداخلية انتهازية، كان من أدلها خلافات ومخالفات اقليم كوردستان مع الحكومة الفيدرالية على الميزانية وايرادات النفط المهرب من قبل الاقليم بطرق غير شرعية ومخالفة للدستور العراقي، ليظهر السيد مسعود البارزاني أمام ناخبيه على انه قائد ضرورة كردي قومي محنك، ورجل المرحلة بالنسبة لشعبه على حساب بقية الشعب العراقي الذي مازال أغلب أفراده يعيشون تحت خط الفقر، والقسم الآخر إنما يعيشون عيش الكفاف قياسا بمواطنيهم الكورد. وأخرى لدفع أهل باقي محافظات العراق للمطالبة بالتقسيم والانفصال بأقاليم للتغطية على حالة النزعة الانفصالية للرجل. والظهور للعالم على أن التقسيم إذا ماتم فانه "واقع حال فرضه العراقيون وليس بالضرورة أن يكون هو من بادر إلى ذلك بالذات، وكذلك اقناع الغرب وأرضائهم بعدم التشكيك به كرجل انفصالي".
فصار هذا الموقف وأشباهه مدعاة لكثير من السياسيين المتطرفين من رجال الصدفة والمنتفعين من الأوضاع السائدة في العراق من دعاة الطائفية أن يحدوا حدوه بطرق تتلاءم مع ثقافة المكون الذي ينتمون له، فضلا عن أن حجم الأموال الاقليمية والمحلية المجباة من الناس بطرق الإتاوة عن انها تلعب دورا في اطالة أمد الإرهاب وزعزعة الأمن واضعاف الحكومة، مضافا إليها أموال السحت المتأتية من الفساد ليتكافلن جميعا، في الترويج لحملاتهم الانتخابية أثناء مواسم الانتخابات، وكذلك النفوذ والسعي للوصول إلى مواقع الدولة المفصلية وأماكن صنع القرار، وهذا الوضع يربك الحكومة والحكومات المحلية من تنفيذ خططها الأمنية والخدمية والاعمارية والاقتصادية، وعرقلة بزوغ القوانين وتأجيل محاسبة المفسدين ومعالجة الإرهاب.
ونموذج آخر هو الأكثر إثارة للجدل المتمثل بمواقف بعص الشيوخ وبعض الصحوات المتذبذبة مابين مد وجزر وسلوك دروب النفاق والتي تمثل خرقا صارخا للأمن ولافشال الخطط الأمنية والاستخبارية، وإجهاضها قبل انبثاقها، مما يسهل عمل الجماعات الإرهابية المسلحة في الخرق والتوغل اليسير لتنفيذ عمليات بالغة في الدقة والخطورة، وضرب مفاصل الدولة في عقر دارها كالذي حدث في اقتحام السجون وتهريب النزلاء، وكالذي حدث ويحدث في كل يوم من تفجيرات وإزهاق لأرواح الأبرياء من المواطنين بشكل يومي تقريبا، اضافة لظاهرة الخرق الأمني في القوات المسلحة العسكرية والشرطوية والأمنية واعاقة أعمالها المتعلقة بتعميم الأمن وملاحقة الإرهاب والمفسدين.
وأن من يعض هؤلاء قد انحدروا في تيار داعش والقاعدة ظنا منهم أن يحوزوا على امتيازات اماراتية ضمن نظام الدولة الداعشية الاسلامية المزعومة لدرجة أن اصواتهم النشاز اخذت تصدح بالانفصال نحو تأسيس اقليم أو إمارة سنية إسلامية ترتبط بتلك الدولة الظلامية المزعومة.
يعاضدهم في ذلك النزعة الانتهازية الانفصالية التي تدور في أخلاد وطموحات العائلة النجيفية الموصلية -أسامة النجيفي رئيس مجلس النواب وأخوه أثيل محافظ الموصل- باستقلال اقليم الموصل وضمه إلى تركيا الأوربية كحالة إنتمائية تاريخية، ضاربون بعرض الحائط الانتماء المواطني للعراق والتبعي للعرب، ذلك لأن "البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، و.....".
ونماذج أخرى، وقفت عائقا امام العملية السياسية في العراق وأدت إلى تعثر الاداء الحكومي وتعطيل الأحكام، فمثلا مايقوم به السيد صالح المطك من تخبطات هنا وهناك، وأزدواجية في المواقف وتصريحات مناوئة للحكومة، الحكومة التي يشغل فيها منصبا رفيعا، واعتراضه على مقاتلة القاعدة التي أزهقت عشرات الآلاف من أرواح العراقيين الأبرياء، بحجة أن هذا القتال لايحل مشكلة الطائفية، مصداق مقالته المدفوعة الثمن والتي نشرت له في صحيفة " الوول ستريت جرنال اللندنية" بعنوان (مقاتلة تنظيم القاعدة سوف لن تحل الطائفية التي تمزق بلدي إربا).
وهذي الاشارات تتزامن مع استقالات السيد النجيفي في كل حالة وعند كل مرة يكون فيها موقف أو مطلب سياسي حكومي والتي يتوجب فيها عليه أن يكون ظهيرا للسلطة التشريعية بصفته رئيس مجلس النواب لمصلحة العراق والعراقيين ولمصلحة الاتجاه العام، بغية العرقلة وإفشال ذلك الموقف الذي ينتظره الشعب منه بفارغ الصبر.
يتآزر في ذلك تصريحات السيد علاوي والسادة أعضاء قائمته، بقلب الحقائق وإيهام الناس بجدوى عدم مساعي الحكومة في استتباب الأمن، وتخطيئها في مقاتلة داعش والقاعدة في الرمادي، وانتقادهم الجائر لحجم الحملة العسكرية التي تخوضها القوات المسلحة العراقية الباسلة للقضاء على داعش والقاعدة في الرمادي والفلوجة، تحت ذريعة أن الأمر لايستدعي زج هذا الكم من القطعات لمحاربة ٧٠مقاتل من داعش، متناسين بذلك مقاتلة الفلوجة عندما كان السيد علاوي يشغل منصب رئاسة مجلس الوزراء، وبدورنا نستأنس بالمثل القائل:"من صوبهم غفور رحيم، ومن صوبنا شديد العقاب". ووصفهم المشين كذلك لزيارة الأمين العام للأمم المتحدة السيد" بان كي مون" على انها فاشلة.
وبهذه التصرفات المشبوهة أصبح السيد علاوي مثالا حيا "لمشاكسة الحكومة الطائفية بحسب إدعائاته وتصريحاته المنحرفة للفضائيات المأجورة"، فصار حجة على الشيعة في نظر بعض الفضائيات المهرجة، كقضائية " المستقلة" واشباهها المدعومة من قبل النظام السعودي، بعنوان اضطهاد الشيعة لاخوانهم السنة في العراق، متناسية أن ضحايا الشيعة خلال السنة المنصرمة وحدها قد تجاوزت ال ٣٧٠٠ ضحية ومايقارب من ٩٠٠٠جريح ومعاق خلال السنة نفسها، ناهيك عن الاعداد المرعبة من سنة السقوط ٢٠٠٣ والى يومنا هذا.
إن هذا التناغم الذي يضر بمصلحة ومصير العراق والعراقيين في الوقت الحاضر، سينقلب في يوم ما عليهم وعلى السعودية راعية الإرهاب والدعم المالي واللوجستي، وستتجزأ وتقسم إلى كانتونات متناحرة تماما مثلما تمنت وارادت وخططت لغيرها، وستأخذ جزائها الرباني العادل، وعد غير مكذوب، وسينقلب في يوم ما السحر على الساحر، وعلى الباغي ستدور الدوائر.
وسيأتي اليوم الذي ترتد فيه القاعدة ومشتقاتها إلى داخل العمق السعودي لتمارس ذات الأعمال الإرهابية التي مارستها في العراق والدول العربية والأوربية، ولتحصد السعودية وحكامها ومفتيها الوهابية مازرعوا من حقد وغل واحن وتقتيل وترويع وارهاب وتدمير، ولتعبث القاعدة فيها كما عبثت في العراق من تهجير وتقتيل وذبح ودمار، وستسعى القاعدة أيضا لتقسيمها مثلما سعت لتقسيم تلك البلدان التي اضحت القاعدة فيها تسرح وتمرح.
و"إن غدا لناظره قريب".
علي الحاج
٢٦.١.٢٠١٤
https://www.youtube.com/watch?v=٥EgG٢Gs٩qNg
وشاهد الرد على الدكتور مصطفى محمود (سؤال من خلق الله) :
https://www.youtube.com/watch?v=Mjh٥PVkirh٨
أشتركوا بقناتي ليصلكم كل جديد من ضلالات الاسلام ولا تنسوا الشير واللايك 😊👍