وتماهي القيم الأكاديمية، وفرعنة بعض الأساتذة ممن باعوا ذممهم، وتنصلوا عن القيم العلمية ليصبحوا دعاة للأديب، وتعويم الثقافة الطلابية، وأفراغ القوانين التي تراعي مفاهيم الأكاديمية، والحرمية الجامعية؛ من محتواها. وكل ذلك من أجل تحقيق المكاسب الانتخابية!.
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، والتي من البديهي ان يتولاها شخص مهني، أكاديمي، بعيد كل البعد عن السياسة والإنتماء السياسي، لما لهذه المؤسسة من دور محوري في تقدم البلد علمياً ومعرفياً, وصناعة النخب, ورجالات العلم, وصناع المستقبل. إلا أن ما جرى هو تبوئ أحد سياسيي حزب الدعوة على رأس هرم الوزارة! وذلك لا يمت بأي صلة الى التكنوقراط الذي كان يدعوا اليه المالكي!.. وحقيقة الأمر هو تسييس الوزارة، لكونها تتعلق بشريحة كبيرة من الشباب، والذي يُنظر إليهم كناخبين لا كطلبة!..
التكنوقراط ليس مجرد شعار براق يجلب الأنظار؛ وانما هو منهاج عمل متكامل، فالوزير هو الموجه الأول للوزارة، ومن خلاله يتم تنصيب رؤساء الجامعات، والأقسام، والمستشارين، ورسم الخطط الإستراتيجية، وكل ذلك يحتاج الى وزير غير مُسيّس، حيث أن الإرتباط السياسي يجعل عمل الوزير تحت الضغوطات، والتغيرات، والانفعالات؛ المتعلقة بالسياسة. وذلك ما يحدث اليوم في ظل وزارة الأديب، حيث وضع الوزارة في دوامة التجاذبات السياسية، والصراعات الإنتخابية، ومع إقتراب الإنتخابات التشريعية، بدأ الأديب حملته الإنتخابية من داخل أروقة الجامعات؛ بدءاً بتسقيط الخصوم، وانتهاء بمحاولات كسب أكبر عدد ممكن من الأصوات الانتخابية، على حساب القيم العلمية والأكاديمية، ومستقبل الطلبة.
كذلك من السياسات التي اتبعها الأديب في الجامعات؛ تعويم الثقافة الطلابية، لجعل الطلبة أداة طيعة بيده، وإستمالة أهوائهم الى جانبه، وذلك بتعطيل كافة النشاطات الثقافية التي من شأنها الإرتقاء بالعقلية الطلابية، لخلق جيل واع يتصدى لمسؤولية بناء البلد وتقدمه وازدهاره. وإستبدال تلك النشاطات بأخرى ترفيهية، لا علاقة لها بالثقافة؛ كالإهتمام بحفلات الطرب، وإحياء يوم الجامعة وغيرها من النشاطات الهامشية. حيث سعى الأديب الى فعل كل ما يصب في هوى الطالب ورغباته، من أجل إستدراجه لإعطاء صوته الى حزب الأديب.
بالإضافة الى ذلك؛ انتهج الأديب إسلوب تسوييف القوانين المتعلقة بإحترام الجامعة، والتي تفرض على الطلبة بعض القيم الأخلاقية، بما يتناسب مع إعتبارات الحرم الجامعي، حيث عمل على تعويم الإلتزام بالزي الموحد والسبب هو ذاته من أجل عدم تعكير مزاج (الناخب) عذراً الطالب!..
ما ذكرناه كان جانباً من التخريب الفكري الذي قام به الأديب في جامعاتنا العزيزة، والتي كانت مضرباً للأمثال بقيمها التعليمية، وقبلة للطلبة العرب والأجانب. فقد كانت جامعة بغداد من أوائل الجامعات في العالم، وفي عهد الأديب إحتلت المركز(٧٠٠) عالمياً!.
بفعل سياسات الأديب؛ أصبحت جامعاتنا مجرد أدوات من أدوات السياسة، وآلة لإنتاج الأصوات الانتخابية، تواصل عملها حتى نهاية موسوم الانتخابات ثم تباع في سوق الخردة لمن يشتري من الأحزاب السياسية!.