الأمم الواعية دائما ما تعتمد في فصاحة وعيها وادراك انتمائها بحفظ الرمز الوطني في قاموس المقدسات في دليل الاوطان, بل انها فطرة وطنية وسجية يجبل وينشئ عليها المجتمع الراغب في البقاء على قيد الوجود المؤثر والملموس, والتأريخ يحفظ لنا نماذج وعناوين مختلفة المشارب من حيث توجهها الديني او الايدلوجي او السياسي, غير اننا اذا ما طالعنا في قراءة الواقع العراقي سنجد ان الكثير من الرموز الوطنية رهينة بطبيعة البيئة السياسية ومتغيرات اللعبة, ليصبح الارشيف المقدس عرضة في نوادي الصراع والمنافسة وحسب ما تقتضي بوصلة الحراك وبذلك فأن المقدس والمحذور عنصران قد يستخدما في معادلات السجال والتسقيط السياسي,من اجل غايات ومقاصد متعددة , لكن موسم الانتخابات ربما ما يضع تلك السلوكيات في تزاحم ورواج , دون الالتفات الى ان القفز الى المنصة الانتخابية عبر التعرض لمذخرات الوطن , ما هو الا اشارة مبكرة تشير الى فساد وجهل في فهم ما تحمله الانتخابات من ارادات و اهداف في كتابة مصير سياسي عبر الممارسة الديمقراطية, وهو مايفسر سلوك البعض من المهووسين بالسلطة ممن لايجد له رصيدا كافيا سوى ضرب وقار الوطن من اجل الاحتيال على المواطن.
اليوم ومن خلال مطالعتي لإحدى المواقع الخبرية وجدت خبرا يدور حول وثيقة تفصل في قيمة الأرض المشتراة لضريح شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم (قدس), وحقيقة ان تفاصيل ما نشر وبغض النظر عن الدوافع التي سوقت لهكذا موضوع , الا انها لاتخلو من كفر وطني وجحود مخل بالشرف المهني , وعلى ما يبدو ان منابر التشويه لا تستثني في دورتها الحالية القيمة النضالية و المواضع الجهادية, فأذا ما كان الحكيم موضوعا ومادة لضرب الابناء , فأننا علينا الإدراك اننا ننهي ونفند مشروعية الصوت والصدى في مقارعة الجبروت والطغيان , طيلة مسيرة اكتظت بدماء العائلة الحكيمية وهي تزف قرابين الفداء من اجل افتضاح زيف الطغاة والأفكار المنحرفة التي ارادت اختزال الحاضر والحضارة في صنم وحجارة وظلام , ولذا من الاجدر بنا ان نغادر استهداف السقف الذي وضعنا في حاضنة البيت ونشتغل على تحصين الجدار من الانهيار , واذا ما كان يسعى له الاخر في كشف ملابسات واهية ترتكز على احقية بناء القبر فوق تلك البقعة فالاجدر به ادراك , ان خنصر شهيد المحراب حكاية اختزلت مظلومية شعب ينتصر من خلف القضبان.