فليقترب من محطته هذه وليتوقف فيها عند انتهاء العد التنازلي، ليركب فيه من يركب، وينزل منه من ينزل، إلا-خلا- من يقيم فيه مقبلا بعد إدبار.
فالنازلون هم من انحسر دورهم وانتهى عمرهم السياسي، ومنهم من فشلوا في اداء الامانات إلى أهلها على مدى عقد من زمن منصرم، وبطبيعة الحال إن صعدوا أخرى لن يحققوا نجاحا في السنين القادمة.
والشعب مصر أيما إصرار هذه المرة على"التغيير نحو الأفضل، بالمشاركة الفاعلة وبقوة أولا واختيار الصالح دون الطالح ثانيا" وأن لاتكون ادارة بلادهم حكرا على أولئك الذين اودعوهم أماناتهم فخانوها، وأصبحوا فيما بعد من أصحاب النفوذ والمال ويتلاهثون على تنفيذ أجندتهم التجارية، فاصبحوا على حين غرة من كبار التجار ورجال الأعمال، وتركوا شعبهم يصارع الظروف ومخلفات الماضي البغيض.
والقطار كلما يقترب من هذه المحطة أكثر فأكثر كلما تكبر الهوة بين الفرقاء ويصعد التسقيط فيما بينهم أكثر فأكثر، كما وترتدى الاقنعة وتبرز الوجوه الانتخابة اللينة العريكة للناخبين أكثر فأكثر.
كما ويبدأ الفلك الدوار الانتخابي بالألتفاف على سرقة الحقيقة والتضليل بين ماهو كائن أو يكون غدا، والمواطن يدور في هذا الفلك، وهو أمام أمرين، إما أن يضطر لركوب موجة العزوف عن خوض الانتخابات أو ينخرط للمشاركة الجدية فيها، أو إذا خاضها فيخوضها بطريقة إسقاط الواجب، فلربما لايعتني بتشخيص الأصلح عند انتخاب شخص ما، فينجم عن ذلك ترحيل شخص طالح لمجلس النواب، قد لايكون اهلا للمساهمة في صون المسؤولية واداء الأمانة، وعدم المساهمة الفاعلة في صنع القرار والتحكم بمصير العباد والبلاد كما حدث في الدورات السابقة، أو لربما قد لايحظى بالفوز، فيذهب صوته هباءا بمالاتشتهي السفن.
كان أملنا كبيرا جدا في أن يسن للبلد قانون للاحزاب يكفل عدالة العملية الانتخابية وواقعيتها، وفي اعطاء فرصة الترشح والفوز لجميع المواطنين وبجميع طبقاتهم وأطيافهم للوصول إلى قبة البرلمان بموجب الأصوات التي يحصدونها في صناديق الاقتراع، بدلا من قانون المفوضية الحالي الذي يحتكر الترشح لمجموعة معينة من وجوه اللعبة السياسية وأبطالها المخضرمين، وهذي واحدة من تداعيات الترجمة الخاطئة للديموقراطية التي حولت إلى ديموقراطية مشوهة عرجاء لتتآزر مع بقية التداعيات المحلية والمستوردة ومع مايعاضدها من إمكانيات التمويل المحض الذي تناله وتحوز عليه تلك الأحزاب والتحالفات لتبعد المواطن العادي عن الترشح والفوز ولتبقى كراسي البرلمان حكرا على تلك المجموعة ممن شرعوا قانون المفوضية المسؤولة عن تنظيم الانتخابات.
وإذا سلمنا بتغيير بعض وجوه اللعبة ضمن المكون الواحد وابعادها من دائرة الترشح في هذه الدورة فإن السنخة الأصلية التي تفرزها التوجهات والأجندة والأفكار التي يحملها المرشحون الجدد متطابقة تماما مع سنخة المرشحين السابقين من ناحية النكوص وسوء الأداء والتي تخلق التجاذبات النمطية نفسها أو مثلها في العملية السياسية اللاحقة.
فمجمل الدورات الانتخابة التي خوضت في البلد وفق قانون المفوضية العليا حولت الشعب بمختلف أطيافه إلى شعب غير مؤهل من ناحية ضيق مساحة الرقعة الانتخابية وبعدها عن طموح وأمنيات وتطلعات المواطن العراقي ومن ناحية الحالة الواقعية والفعلية ومحدودية نمط شخوصها، بما يشبه نظام الوصاية على مجتمع كأنه وكما يعتقدون انه مجتمع معافى يعيش وسط بحبوحة من العيش الرغيد، ولكن الواقع والحقيقة تقول غير ذلك،،! لأن فرص العدالة فيما جرى غير متوفرة، وإن مايجري حاليا بما يسمى بانتخابات وفق ديموقراطية إنما يجري وطبقا لواقع الحال وفق ديموقراطية مشوهة وعرجاء لاتفي حتى بالحدود الدنيا لنجاح العملية السياسية والحالة المجتمعية وتجربة نظام الحكم البرلماني وتطوره، بل صارت خطوة مكملة للخطوات السابقة في مصادرة حق الشعب وفي ممارسة حريته لترشيح مواطنيه بنفسه على ضوء الواقع المرير والمعطيات العرفية العملية التي تمثل جميع شرائح المجتمع ومناطقهم تمثيلا حقيقيا ودقيقا خاليا من جميع اللمسات وإرهاصات الأجندة الخارجية والداخلية والنظريات الأجنبية الدخيلة على عادات وتقاليد مجتمع العراقيين لخوض العملية الانتخابية، وتبوء مقاعد البرلمان، فتحول الشعب ثانية من حيث لايدري إلى شعب غير معصوم، بينما انتقلت العصمة منه تلقائيا إلى المكونات السياسية التي تخوض الانتخابات في كل مرة وبشكل احتكاري، والاوفياء والأنقياء من أبناء الوطن الغيارى الذين ذاقوا الأمرين بات لامكان لهم في هذا الوطن العريق ذي العمر المديد الممتد لإعماق التاريخ في هذا الزمن الصعب، ووضعوا في قالب الوقوف في طابور طويل ينتظرون فيه مبادرات ومرحميات مجلس النواب وأطلالاته المبيتة بنفس طائفي وتأزمي وحيثي وجهوي في اطلاق مكرمة من المكارم على غرار مكرمة القائد الضرورة، التي لاتطلق إلا بحلول نوبة تبادل الصفقات واستحقاق المحاصصات وتحقيق الرغبات وتقديم الولاء والطاعة لتيارات محلقة خارج السرب وضد التيار العراقي العام.
كل مايدور في العملية الانتخابية وفي كل مرة، أن سلة من الاسماء المعصومة موزعة على المكونات، وعلى الناخب العراقي أن يختار واحدة من هذه الاسماء شاء أم أبى، أو يضطر ممتعضا بالعزوف عن اعطاء صوته وبالتالي سيكون هذا الناخب عنصرا فاعلا في مقاطعة الانتخابات والتأثير على نتائجها، ويكون عندئذ الربح الاكيد والمصلحة النهائية محتومة لمكون ما في كلا الحالتين.
ويكون الناتج في حالتي العزوف بشكل بارز أو الحضور بقوة دون حضور انتقاء الصالح وابعاد الطالح يكون لصالح ذلك المكون بجميع قوائمه، والخاسر الوحيد هو الوطن والمواطن.
لو أننا ننعم بديموقراطية حقيقية غير عضباء، حقا لقامت المكونات وعلى الأقل ببادرة حسن نية بفتح أبوابها على مصاريعهن لدعوة جميع المواطنين المستقلين ممن يجدوا في أنفسهم الكفاءة واللياقة للترشح ضمن بودقة مكون ما، ومن دون أن تقبض منه أية مبالغ طائلة وباهضة الكلفة والوسع لصالح ذلك المكون، ولاضير ولابأس من اجراء عملية تنافس شريف بانتخابات تمهيدية لترشيح الأصلح للنهائيات، وبذلك نكون قد أحترمنا شعبنا وارادته في انتخاب ممثليه بشكل ديموقراطي أصيل، وكذلك نضمن وصول أناس عاشوا معاناة الشارع العراقي وهموم الناس، وبالتالي نضمن وصول كفاءات عراقية سياسية مجتمعية وطنية ادارية وتكنوقراط مشهود لها بالعفة والنزاهة والكفاءة والتعايش والتعاون الحقيقي مع جميع طبقات المجتمع، دون اللجوء لفتح مكاتب صورية للاعضاء "الفلتة" التي يتراكم على مناضدها التراب، وفي نفس الوقت وكناتج عرضي عند تطبيق قانون الأحزاب المنشود،سيساهم هذا القانون حتما في استبعاد العناصر المترهلة سياسيا والمفسدين والمتأزمين من ذلك المكون بشكل تلقائي.
والانتخابات في العراق ثبت أنها تختلف بجوهرها عن كل المقاييس الألهية والدولية والانسانية في عملية تطور نظام الحكم، من حيث انها جعلت ثلة من المكونات السياسية على انهم شجرة مباركة يتبادلون الأدوار بالمناصب وادوار صنع القرار، والمناصب تبقى حكرا لهم في كل دورة انتخابية جديدة، والشعب ذو الاشجار المتعددة عليه فقط أن ينتخب ويبارك ويصفق و"يهوس" لتلك الشجرة.
فحتى الله سبحانه وتعالى عندما أراد أن يختبر آدم وحواء عليهما السلام لم يمنعهما من الاقتراب من شتى الاشجار بل حصر المنع من شجرة واحدة، فهو القائل سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: "ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين" وقال عن لسان النبي يعقوب(ع) مخاطبا اولاده: "وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة"،إلا في العراق فالعملية معكوسة.
العراقيون ملوا وسأموا هذه الطريقة في الانتخاب وأتعبتهم كثيرا فضلا عن انها لم تحقق لهم سوى الاماني والوعود الكاذبة، وطموحهم وتطلعاتهم وحفظ اموالهم وانسيابية خدماتهم وضمان مستقبلهم ومستقبل أجيالهم أصبحت بذمة الوعود التي قطعها النواب على أنفسهم أثناء حملاتهم الانتخابية.
والأنكى من ذلك كله أن الفرقاء اعتمدوا أسلوب الهاء وانهاك الشعب وصرف انظاره عن الخلل الحقيقي والمؤامرة الكبرى التي تحاك ضد هذا الشعب المظلوم من خلال صيحات التجاذبات والخلافات والاتهامات وعمليات التسقيط المتبادلة فيما بينهم، واطلاق عنان التشكيك في نزاهة الانتخابات، كما ويؤازرهم في ذلك الابواق المضللة والأقلام المأجورة، لكي يقال أن في العراق ديموقراطية وحرية مطلقة، وفي هذه الحالة تستجلب انظار العالم والشعب لمتابعة هذه الحالات المفبركة لصرف الأنظار عن المشكلة الحقيقة كما اسلفنا، لجعجعة الشعب إلى وادي العيش في دوامة، وضمان سكوته عن كل مايحدث، لا بل وصل الأمر لبعض من السياسيين الافتراضيين أن ينعتوا الشعب "بالسذاجة والتخلف"-مع تحفظي الشديد عن نطق هذه العبارة، وناقل الكفر ليس بكافر- ومن ثم إلى ارهاقه للوصول إلى حالتي اليأس والقنوط والتسليم للأمر الواقع.
ومن الطريف في هذا المقام أن أحد الصيادين خرج مع ولديه إلى إحدى الغابات للتنزه والصيد، وعند دخوله الغابة، وجد ساحة من الثيل يتوسطها جذع شجرة قديم وقربه يقف ثعلب، فهجم الغلامان على الثعلب الذي هرب ليدور جريا حول محيط الساحة والغلامان يجريان خلفه ليدور حول الساحة عدة دورات، ثم يعود أخرى لجذع الشجرة ليدخل فيه ويخرج من الجانب الآخر، ليواصل الجري لدورات أخرى والغلامان يجريان خلفه!
وهكذا حتى تعبا الغلامان وإنبطحا على الأرض يلهثان.
تقدم الصياد نحو جذع الشجرة وادخل عصاه في النفق الموجود تحت الجذع!
وما أشد دهشته حين وجد ثعلب ثان في النفق يبدو عليهما انهما كانا يتبادلا الأدوار على الغلامين حتى أتعباهما!.
هكذا هو حال العراقيين من حيث أن السياسيين يتبادلون الأدوار لإرهاق الشعب ووضعه في دوامة مزمنة، فسياسي فاسد يظهر ليكون نفسه ماديا ويرتب حاله الاعتباري بطرق الفساد والإفساد، ومن ثم يختفي ليعود إلى من حيث اتى لاستثمار أمواله السحت التي سرقها من أقوات العراقيين وثرواتهم -دون أن تتم ملاحقته قضائيا بالأستفادة من قدرات الشرطة الدولية " الانتربول"- وسياسي آخر يظهر ليمارس اللعبة ذاتها، والشعب يدور في دوامة لاطائل لها، واني على يقين راسخ أنه لابد من أن يأتي اليوم الذي يدفعون الثمن فيه غاليا وبأضعاف مضاعفة.
"فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّىٰ يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُون"، وعد من الله غير مكذوب ولو بعد حين.
الغريب في الأمر، وكما كان يردده الفنان المرحوم جعفر السعدي، في النسر وعيون المدينة: "عجيب أمور، غريب قضية!!"
من حيث أن المفوضية طالعتنا باستبعاد ٢٨٤ مرشح من خوض الانتخابات لشمولهم بتوصيات لجنة المساءلة والعدالة النيابية عن لسان رئيسها قيس الشذر ، بالقدر الذي بدا على انهم من أيتام النظام البائد، والعجيب في القضية أن من ضمن هؤلاء ٦٧ مدانون بقضايا جنائية، والاغرب من ذلك أن أغلبهم مدانون بجرائم مخلة بالشرف.
ف"عجيب أمور، وغريب قضية" على جرأة وصلف هؤلاء الذين رشحوا أنفسهم لخوض انتخابات ٢٠١٤ وتناسوا ملفاتهم المكللة بالاتهامات المخدشة للحياء وللذوق العام، ومنها ماكانت تحمل بين طياتها قضايا متعلقة بالارهاب.
ونتساءل إلى هذه الدرجة بلغ معهم العهر السياسي والاجتماعي وقلة الحياء، ووصل يهم الحال إلى أن يستغفلوا الشعب والدولة والاجماع الوطني بهذه الطريقة الإستبدادية الهابطة؟
فأية وقاحة تلك؟
وأي طموح هذا؟
الطموح الغير مشروع، الذي يريدون أن يتعسسوا من خلاله إلى دكة الحكم واللعب بسياسة الدولة وادارة شؤون البلاد بطريقة عبثية!،،، وليرتقوا فيه للتحكم بمصائر الناس والتمكن من رقابهم ومقدراتهم واموالهم وتقرير مستقبلهم، وهم على هذه الحالة المتسافلة المثيرة للجدل والتساؤل؟؟؟.
والاولى بهم أن يستثمروا مؤهلاتهم تلك في أسواق النخاسة ومزاد العهر السياسي ليتاجروا بخزعبلاتهم ومطباتهم تلك، وفي اعتقادي انهم لايتورعوا ولو للحظة ان بدا لهم ان يبيعوا العراقيين مما فضل لديهم من أبدانهم من جلد وعظم، مما خلفه لهم نظام الصنم وتجربة السنين العجاف الاحدى عشر من سوء أداء مجالس النواب المسيسة لقهرهم وحرمانهم من ابسط حقوقهم، وانشغفوا ففط -أي بعض من أعضاء مجلس النواب، وبعض من مسؤولي الدولة والحكومات المتعاقبة- بالإستئهال بحقوقهم وإمتيازاتهم الشخصية الغير مشروعة وملذاتهم الحياتية، وإسترخاص كل ماهو غال وثمين، وهبوا للتعاون مع بعض الدول والمؤسسات الدولية والاقليمية المعادية للعراق ولشعبه العظيم مقابل الحصول على دراهم معدودات بمختلف الحجج والذرائع الانسانية والخيرية المظللة، ليخرجوا بمليء إرادتهم من الانتساب لمكونات المجتمع ذي الاستقامة الوطنية المخلصة والنزيهة، ليرتكبوا حماقة الولوج في خطيئة العهر السياسي والمجتمعي والسلوك النشاز وخيانة العهد والأمانة.
صحيح ان العراق دولة وشعبا مرا بظروف قاسية واستثنائية من انفلات واستفحال الأوضاع المزرية وتدخلات اقليمية مشبوهة، وتفشي الفساد والارهاب بجميع انواعهما، وعرقلة تطبيق القانون في ردع كل من سولت له نفسه بارتكاب جرائم ارهاب وجرائم جنائية وجنح ومخالفات، لكن لايصل بهم الحال إلى ترشيح أولئك الاشخاص النشاز لخوض الانتخابات "ليزيدوا الطين بلة" للوصول إلى قبة البرلمان بهذا النمط من شبه أشباه الرجال كما حصل في دورات البرلمان السابقات، فنجم عن ذلك مانجم من سوء في الاداء وتقصير في المهام الملقاة على عواتقهم، مثلهم كمثل الذين"حطوا البيت بيد أمطيرة وطارت بيه فرد طيره"، وهذه سابقة إن مرت بسلام في المرات السابقة فلا يحب أن تمر بدون رادع قانوني في هذه المرة والمرات اللاحقة احتراما لمكانة البلد وكرامة لشعبه العظيم.
وعودا على بدأ نقول للذين يمكنوا غدا في استصدار قانون الأحزاب أن يأخذوا بعين الاعتبار مايلي:
*أن تنظم جميع الأحزاب والتيارات والكتل السياسية في العراق في كتلتين رئسيتين، أقرب مايكونا أكثر شبها بحزبين كبيرين، فيطرحا برامجهما السياسية واطروحاتهما الانتخابة في كل موسم انتخابي ويصوت لمرشحيهما في جميع أنحاء العراق من زاخو إلى الفاو، فالكثلة الفائزة تقع على عاتقها ادارة شؤون البلاد من خلال تسنم السلطة التنفيذية المتمثلة بالحكومة، والاخرى الغير فائزة تتبنى دور المعارضة تحت قبة البرلمان.
*أن يرشح سبعة أعضاء من الفائزين في الانتخابات لتشكيل أشبه مايسمى بحكومة مصغرة مستقلة أو ديوان عدل وإنقاذ أو مستشارية تحكيم في المنازعات الوطنية والسياسية في كل دورة انتخابية واجبها الوحيد مراقبة أداء الحكومات الثلاث ومجلس النواب والاشراف على نشاطهم الوظيفي، ومساءلة المقصرين منهم واحالتهم إلى المحاكم المختصة، وتقويم الخلافات بين الخصوم السياسيين، وفض النزاعات الشخصية والحزبية والكتلوية والوظيفية وتقريب وجهات النظر، واشعار كل من كان منهم خارجا عن السرب ليعود إلى رشده وصوابه.
*أن توضع قيود صارمة ومشددة ووضع آلية خاصة لأستجلاب المعلومات الدقيقة الخاصة بكل مرشح، وطلب سيرته الذاتية وحسن سلوكه ونزاهته من القنوات الاجتماعية والجهات الرسمية المعتمدة، بغية عدم تسلل الفاسدين إلى منصة الترشيح، والحؤول دون وصولهم دكة البرلمان.
أختم بقولي: إن كل ماحدث في العراق ويحدث، منذ لحطة إنبثاق الثورات الدموية والى يومنا هذا مهما عملنا من عمليات ترقيع وتجميل فإن طابع الاستبداد بكل فروعه يبقى مستشري ببعض النفوس الضعيفة التي تعاني من عقد النقص والتسلط والإضطهاد في المجتمع العراقي من أكبر مستبد بالدولة إلى أصغر مستبد فيها مما له الأثر البالغ والكبير في توطيد عرى الديكتاتورية والبيروقراطية في المجتمع الديموقراطي المستجد، وحتى الديموقراطية التي ندعي انتهاجها أصبحت واستحالت إلى مجرد شعار من شعارات المرحلة وحبر على ورق، تماما كشعار الوحدة والحرية التي جاء بها حزب البعث لسرقة السلطة.
"أيا ترى هل طبقت الوحدة والحرية؟
أم مجرد شعارات عابرة استعملت كجسر يعبرون عليه لتحقيق مآربهم ولإستغفال الناس للتمكن من رقابهم واستعبادهم وفق تطبيق نظريات مستوردة؟.
-وأرجو أن لاتسجل علي على انها شتيمة لمعتنقي الديموقراطية بقدر ماهي إلا نزعة من نزعات الاصلاح من أجل إستنقاذ بلدي وابناء جلدتي مما هما فيه-".
والاستبداد هو نوع من أنواع التسافل، لأن الاسافل لاتعنيهم الكرامة ولا حسن السلوك ولا السمعة الطيبة بقدر ما يهمهم كيفية الوصول للسلطة وجمع المال السحت والتخطيط لعمليات الفساد وادارة الارهاب، ولايهمهم ان كانوا الضحايا من إخوانهم أبناء جلدتهم أو من اعدائهم.
وإذا تظاهروا بالحرص والتدبير فإن حرصهم يصب في حوض الإستبداد والتدمير، وكلما ارتفعت عندهم درجة الإستبداد كلما كانوا بحاجة إلى حاشية وجلاوزة من اعتى المجرمين الذين لا إلا لهم ولا ذمة ولادين "وهم إن يكونوا أقساهم اجراما وأشدهم تسافلا يكونوا عندئذ أكثرهم قربا واعتمادا".
"كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون".
وما قول حسان بن ثابت(رض)، شاعر رسول الله(ص) إلا كبلسم لجرح نازف لايندمل، ومصداق لما علق في نفوسنا من تدابر وقطيعة رحم، واشارة لما نعاني منه من تداعيات وأدران مما خلفها الفاسدون والمستبدون في نفوسنا وواقعنا المجتمعي كنواتج عرضية فيه، جاء فيه:
أفسد الناس خلوف خلفوا*** قطعوا الإل وأعراق الرحم
وجدناهم كاذبا إلهم*** وذو الإل والعهد لايكذب
وفي خضم هذه الأيام نحتاج كعراقيين إلى حركة إصلاح لمادمره بعض السياسيين المستبدين من ذوي النفوس المتسافلة من قيم ومباديء واخلاق حميدة كان يتصف بها العراقيون دون غيرهم، ولنبدأ بإصلاح أنفسنا أولا وقبل كل شىء مما علق بها من أدران وأمراض وعقد ونقص من وطنية وإيمان، ونفاق وموت من ضمير.
"ولايغير الله بقوم حتى يغيروا مابأنفسهم".
و"مالم نغير أنفسنا فان غيرنا سيغيرنا".
ذلك لأنهم أبطلوها -أي القيم والمبادئ والأخلاق- كإبطال الخل للعسل، فقلبوا الحقائق وتلاعبوا بالدين من أجل ارضاء مختلف سلاطينهم، فأصبح طالب الحق فاجر، وتارك الحق رجل مطيع ووديع، وصار الناصح فضوليا، وتحولت الغيرة إلى عداوة، والشهامة إلى حماقة، والنفاق صار سياسة، والحيلة كياسة، والنذالة دماثة، والكذب تمدن ومداراة، والرشوة هدية، والفساد شطارة، ونقض العهد مرونة ومداهنة. ََُِٰ ََُُْ ََّ
فعَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ.
"وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۙ أُولَٰئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّار".
والحمد لله رب العاملين.
علي الحاج
١ نيسان ٢٠١٤