نتمنى بدورنا ان يأخذ العمل الوطني كامل مساحاته ولا تنحصر كل قوة بساحتها الخاصة.. لكن الامر لا يتعلق بنا فقط، بل بالاخرين ايضاً.. وهو حراك وظرف وواقع يفرض التحرك في اطاراته.. والسعي لاستثمار عناصره الايجابية والتخفيف من عناصره السلبية. ففي بلد عانى طويلاً من الطائفية والعنصرية والاستبداد لا يتوقع الخروج منها ببساطة او بسرعة، ما لم تطمئن المكونات والمواطنين، ان "العقد التأسيسي" بات تربية ومنهجاً وقناعة، وليس مجرد كلمات عن مواطنة لا تحمي الافراد والجماعات في حقوقهم ومصالحهم ومستقبلهم.. وهذه سيرورة تنمو وتنضج بمرور التجربة والوقت.. فالنضج والبلوغ لا يحققهما الانسان ان لم يعش مرحلة الطفولة بفطرتها وبراءتها وانويتها ولغوها وعبثها ومراهقتها.
ائتلافات تجاربنا الانتخابية الاولى كانت خوفاً من الاخر، وتأكيداً للهوية، اكثر منها برنامجاً وتصورات.. اما اليوم فالهويات اكدت نفسها لحد كبير، بل هناك غلو وسوء نوايا احياناً. ولعبت متطلبات الدولة والحكم دورها لوضع القوى في مواجهة ومسؤولية مباشرة مع الشعب وشؤونه العامة.. لهذا برزت الخلافات بين قوى الساحة الواحدة.. فهناك من يريد دولة مركزية تعيد انتاج الفرد الحاكم كمحور للنظام.. وهناك من يريد دولة لامركزية اتحادية تسعى لانتاج الديمقراطية بمؤسساتها وتداوليتها، وبمحورية ممثلي الشعب. ومعروفة هي خطوات التقارب والاتصال بين قوى الساحات المختلفة. فالتفكيك والوحدة هما جزء من سيرورة وسياقات طبيعية.. نأمل ان تأخذ مجراها لتصل لتطبيقات المواطنة حسب ظروف التعددية العراقية. بعض القوى حاولت وتحاول، بجرأة، طرح قوائم على صعيد وطني، فلم تحقق النجاح المطلوب. فالظرف لم ينضج بعد على صعيد الواقع والجماهير، رغم انه يتشكل تدريجياً على صعيد الوعي والممارسات. الطائفية المقيتة هي التعصب لقومك او مذهبك لظلم الاخر. اما وحدة الساحة اليوم فهي ضرورة.. للتمثيل القوي اللازم لانجاز التأسيس السليم، القائم على الحقوق والوحدة الوطنية والمواطنة.