الرابح يقول انه فوز لكل الوطن وانه لن يستغني عن خبرة الخاسر وكفاءته. والاخير يقول انه يذعن لارادة الناخبين وإنه” سعيد بتعزيز الديمقراطية” . صحيح ان معركة التحالفات لتشكيل الحكومة تبدأ الان لكنها لا تحتاج الى ذات الوسائل والاسلحة المستخدمة في معركة الانتخابات وإثبات الاحجام .
لم يقتصر التجاذب الكلامي على المرشحين من أشخاص وكتل بل شمل أكثر من ذلك ، مؤيدي كل طرف . صفحات التواصل الاجتماعي كانت مسرحا لنقاشات حامية كشفت عن غياب شبه كامل لثقافة الحوار الذي بلغ في أحيان كثيرة مستوى متدنيا في الالفاظ والصيغالاقصائية الضّحلة البعيدة عن التهذيب والذوق والعقل . ربما يشكل ذلك مؤشرا عن ان الديمقراطية التي ترتكز على إحترام الرأي الاخر ، ما زالت بعيدة المنال . يساهم في إستمرار هذا الوضع ، بعض الاحزاب والشخصيات التي تحاول كسب أصوات غير واعية عبر زج بعض رجال الدين في المعركة الانتخابية لمصلحتهم وضد خصومهم، وهو مطبّ وقع فيه بعض رجال الدين فيما ظلت المرجعية الدينية العليا محافظة على موقعها السامي الارشادي دون التدخل “الفتوائي”الذي لا محل له في شؤون الادارة والحكم ، خصوصا في ظل تعدد الاجتهادات .
ما ميز الانتخابات الاخيرة عن سابقاتها أن ظاهرة الانقياد الاعمى للتوجيهات والاستجابة لمحاولات التاثير على خيارات الناخبين شهدتتراجعا ملحوظا مقابل إتساع ظاهرة التمحيص والتدقيق في هوية المرشحين ، و كثرة الاسئلة التي طرحت حول من هو الجدير بالانتخاب .
الانتخابات إنتهت وأمامنا الان مرحلة الائتلافات لتشكيل الحكومة . حكومة الاغلبية السياسية باتت مقبولة خصوصا اذا لم يستثن إئتلافها أيَّ مكوّنٍ . حكومة الاغلبية التي تشكلت في كردستان العراق ستكون مشجعا على التكرار في بغداد . علّنا نرى أغلبية تحكم وأقلية تعارض بجدية من داخل مجلس النواب . عندها سيكون الجميع رابحين ، مثلما ربحوا جميعا عندما أجريت الانتخابات بهدوء ونزاهة شهد بها الجميع .