كثرت الوعود وبذلت الأموال في سبيل كسب الأصوات بصورة قانونية أو بغيرها، ومن بعدها الفوز بالانتخابات، ربما استفاد بعض الكسبة من اللوحات الإعلانية التي صرف عليها الكثير بعض المرشحين من أصحاب الأموال، ربما سوف تتغير بعض موازين القوى في مجلس النواب القادم حسب النتائج الحالية ، لكن هناك البنية الأصلية بقت وهي الكتل الرئيسية الثلاث والتي تشضت الى كتل أخرى التي يمكن تجميعها مرة أخرى، خصوصا وان هناك مشتركات كثيرة بينها وخاصة الطائفية، وهناك ضغط خارجي، لكن يبدوا أن تشكيل الحكومة وبولاية ثالثة وبأغلبية سياسية امرا في غاية الصعوبة، فبرغم أن رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي جمع بين النقيضين إيران والولايات المتحدة الأمريكية وهو أمر يحسب له وهو غاية في الصعوبة، وانه الفائز الأول في الانتخابات في اغلب المحافظات، لكن اتفقت جميع الكتل بضمنها الصاعدين الجدد من التيارات الليبرالية على مقاطعة حكومة الأغلبية السياسية، فهل يعقل أن يكون الجميع في المعارضة؟! ولا تستقيم الدولة بغياب اي مكون من مكوناتها الاساسية، او يكون هو وكتلته في ألمعارضه وهذا ما لايرتضية الجميع لأنه ليس في المعارضة مغانم ومطامع.
كانت الخطابات والتصريحات التي تدعوا إلى ترك المحاصصة الطائفية التي باتت معضلة تهدد مستقبل العراق أرضا وشعبا، ولكن بعد الانتخابات وكالعادة لايمكن تجاوز المقومات التي قامت عليها العملية السياسية، برغم عدم ذكرها في الدستور، كرئيس الجمهورية من حصة المكون الكوردي ورئيس الوزراء من حصة المكون الشيعي ، ورئيس البرلمان من حصة المكون السني، لكنها أصبحت من المسلمات التي لايمكن تجاوزها، إضافة إلى إن هناك قوائم صعدت وأخرى تراجعت، وأخرى شكلت نتائجها كقائمة ( المواطن) بزعامة السيد عمار الحكيم تغيرا ملموسا فهي ضاعفت مقاعدها بالرغم من عدم امتلاكها المال والسلطة، فصار لها وزن في البرلمان القادم، وصعود قوائم اخرى جديدة ،وتقارب المقاعد بين الأحزاب الكوردية وبالتالي التنافس على المناصب السيادية في الدولة المركزية والإقليم، وقائمة متحدون المعارضة للمالكي أصلا التي تستطيع ان تشكل تحالفا قويا ضد دولة القانون، وهذا ماسوف يكون عائقا في تشكيل الحكومة إلا إذا عادت بعض القوائم عن كلامها السابق وتحالفت مع قائمة المالكي وفي كل الأحوال سوف يأخذ هذا السجال زمنا طويلا.
أما الأمر الآخر هل سينفذ ما وعد به المرشحين ناخبيهم ام سيصبحون كسابقيهم من أصحاب الأموال والشركات والمصالح ، ويبقى الشعب يعاني ، وتعاد الكرة مرة أخرى، ويتوعد الناخبون المرشحين بالانتخابات القادمة، وإنهم سوف يغيرون الوجوه القديمة التي خدمت نفسها بدل من أن تخدمهم، ولكن سيحدث نفس السيناريو الذي حدث في الانتخابات السابقة، من دعاية انتخابية ووعود وتصديق من الأغلبية بتلك الوعود التي لم يتحقق شيئا منها في السابق، نتساءل إلى متى يبقى الحال والمجتمع يدور في حلقة مفرغة، وتستمر المعاناة والقتل اليومي والحاجة والفاقة، والآخرين يعيشون في بحبوحة وأمان واستقرار، يا ترى متى تنزل النخب والاكاديمين وأصحاب العقول ومدعين الثقافة ، من بروجهم العاجية إلى الواقع وتثقيف الناس وخاصة الشباب وتوعيتهم، بحقوقهم وواجباتهم تجاه الوطن ، بتغذية العقول بحب الوطن بدل الطائفية والانغلاق على الفكر المتشدد الذي يلغي الآخر في الوجود، بدل صب جام غضبهم على المجتمع ووصفه بمختلف الأوصاف والنعوت، لانتخابه قوائم معينة، وينسون ويتغافلون إن سبب هذا هم فبدل من قيادتهم المجتمع أصبحوا منقادين من الآخرين، وإذا استمر الحال سوف لن يكون هناك تغيير وسوف لا نتأمل شيئا بعد الانتخابات.