حقق العالم قفزات علمية لا تحتكر على إنسان، وإقتصر التوغل بمجرد تعليم ابجديات حروف لغته، ويكفي اقتناء جهاز صغير حتى يوفر كل معلومة امام عينك بعد ضغطة صغيرة في لحظات، ولا يمنع لون البشرة والجنس واختلاف الثقافات والأصول من حمل العالم في جيبك الشخصي، وأغنانا عن أمهات الكتب وتكاليف اموالها وتلذذ القراءة فيها.
العلوم قربت لنا ما لا نستطيع رؤياه إلاّ بالمجهر، وعرفتنا ان لغة الضاد وحضارة وادي الرافدين واخلاق العراقيين؛ إستطاعت إثراء الإنسانية في العصور الوسطى، وصارت وابل علينا في هذه العصور.
نيام في عالمنا الثالث وعصفت تكنلوجيا المعلومات، اربكتنا مختلف اللغات والثقافات، نركض خلف العالم و نعض على اطراف ملابسنا للحاق بركبهم، ولم يعد لأدواتنا (المحراث، المكَوار) استخدام بوجود الأجهزة الحديثة ، لم نفهم كيف يمكن تحويل الماء الى نور والحديد الى نار تشق الجبال، نهرول خلف المصطلحات لتعريبها، فعرفنا (الهمبركر شطيرة)، وحولنا المرديان الى فلسطين، خوفا على وطنيتنا وإنحراف اخلاقنا؟!
اعتقدنا الحضارة ألفاظ واستنساخ وإسهاب في التعريب، وزيادتنا كالنقصان، نشمأز من الأمبريالية والإستعمارية، ولا ندري بأننا نسير رأساً على عقب، من تقصير مؤوسساتنا الناقلة، فكانت الديمقراطية وحقوق الإنسان ألفاظ دخيلة نتحسس منها، لنعود الى نبش التاريخ وإستعادة الفتوحات وذبح البشر والإستمتاع بالجواري والمتجارة بالنساء، وهدم المزارات لأنها لم تكن في العصور الجاهلية؟!
نعيد تسمية وحشية اسماء الأبناء لتخويف الاعداء، ونطلق على من لا يروق لنا صفات حيوانات متوحشة وغادرة كالأفاعي والذئاب والعقارب، تجازوها وحوش خرجوا بأسم الدين لا يعرفون سوى الغرائز، لا يستسيغون التغيي، ويستحسنون تحويل البشر الى فحم؛ إاذا لم ينخرط في جوق المتخلين عن ارضهم وقيمهم واخلاقهم.
نبحث عن صيانة حقوق الإنسان، ولم نراجع تاريخ، علاقاتنا الأجتماعية والرفق بين بني الأنسان، والعالم تجاوزها ليبحث عن صفات الحيوان، فقد توصل الباحثون ان الذئب يمتلك مشاعر مثل البشر، خلال متابعتهم سلوكيات ١٢ ذئباً لمدة ٢٥٤ ساعة، على مدار ٥ أشهر كاملة، وجدوا ان التعاطف سمة مشتركة، ورصدوا التثاؤب البريء ينتشر بسرعة بين المجموعة، ويدفع الأفراد القريبين بالقيام بنفس الفعل، ويرتبط ذلك بمشاعر الرحمة والشفقة، وتبدأ عملية التثاؤب من الأقرب اجتماعياً ثم المجموعة، وأن انثى الجاموس تنتحر حينما يتعرضها إبنها، وتسير الطيور بشكل اسراب لتحمي نفسها، لمواجهة الرياح وتقليل المتاعب مجتمعة، وللهزيمة معنى واحد، والإنتصار إستثمار ما موجود من خيرات وهبها الباري، وترك لنا حرية الإستخدام دون عناء.
الحياة البدائية إعتماد على ذات توزع المتاعب ولا تجمع الجهود، نتاجها خيمة وعمود تنتهي بلحظة احتراق، بينما المدنية: إستراتيجية جمع وتقسيم العمل لتوفير الجهد والوقت والرفاهية.
نعيش في مجتمع ذئاب لا تملك صفات كشفها الباحثون، تطاردنا بإعلام سوداء يذبح الإنسان بأسم الدين كالخراف، بينما يقترب العالم لبعضه؛ لتجاوز انفاق تاريخ مظلم يربط الحياة بالعبودية، وإستطعنا الحصول على الحاسوب، ولم نفهم تأمر الأطاحة بتاريخنا من هزات ارتداد تنمية التطرف والتكفير؟! وبدل استخدام العلم لإستخراج الذهب لرفاهيتنا، أُستقطبت العصابات الإرهابية شواذ دواعش لا يرضون حقوق الإنسان والنظامية، وليتهم ذئاب وخنازير او افاعي، حتى نقتلع نيابهم ومخالبهم ليصبحون حيوانات أليفة، لكنهم ذئاب يقودون حرب قذرة سلاحها إغتصاب يعتم عليه الجناة والضحية.