في ٣١/١/٢٠١٢ كتبت افتتاحية بالعنوان اعلاه لتبيان اهمية البصرة في استراتيجية التنمية وانقاذ العراق، لهذا اطلقنا عليها العاصمة الاقتصادية.. ارى مفيداً اعادة نشرها بنصها، دون اضافة او حذف:
"بالاضافة للسياسة الوطنية والاقليمية المطلوبة لمعالجة تلوث المياه وكمياتها لنقف قليلاً مع مصادر المياه الاربعة.. الانهار والامطار والمياه الجوفية ومياه البحر.
فرغم شحة المياه لكننا مستمرون في عمليات الهدر. فنصرف ٩٣% في الزراعة، يستهلك النبات اقل من ١% ونسبة ٨٠% من وزنه الطازج لملىء الخلايا، والباقي للاغراض المنزلية والصناعية والتبخر.. ويبلغ معدل الامطار ٦٠٠-١٢٠٠ملم في الشمال و٢٠٠ملم في بقية العراق. يستفاد من المطر عموماً من حمرين وشمالاً.. اما جنوباً فيتناقص الاعتماد عليه بشكل متزايد.. فالعراق ضعيف جداً بخزن واصطياد مياه الامطار، القابلة لتحسين نوعية المياه وتعويض بعض النقص الذي نعانيه. خصوصاً، والطرق الحديثة للزراعة تبتكر مواداً حافظة لرطوبة التربة.. كذلك لدينا نقص كبير في الخزانات الموسمية والسدود ضد السيول التي يمكن تحويلها الى نعمة بدل نقمتها اليوم.
اما مياهنا الجوفية البالغة ١٨ مليار متر مكعب، يصل المتجدد منها ٤-٧ مليار متر مكعب، فيمكننا استثمارها برشد اعلى. وهذه المياه قريبة من السطح لا تتجاوز ٢٠ متراً عمقاً في المناطق القريبة لغرب الفرات (النجف وكربلاء وغيرهما) ليصل عمقها الى ٢٠٠-٣٠٠ متراً قرب الحدود السعودية.. ومشكلة هذه المياه ارتفاع نسبة الكبريت والملوحة عموماً، فتكون صالحة للسقي لعديد من المحاصيل، لكنها غير صالحة للشرب الا اذا ما تم معاملتها..
اما مياه البحر فيجب الاستعداد من الان لاعتبارها احد مصادر المياه المهمة.. دول كثيرة باتت تعتمد عليها في زراعتها ومياه شربها.. وبلاد الرافدين تسد بعض حاجتها اليوم من قناني الماء المستوردة من دول مصدرها الرئيس مياه البحر.. ولاستثمار هذه المياه سنحتاج لتوسيع جبهتنا البحرية والوصول للمياه العميقة والتعاون مع الكويت وايران بشكل خاص.. فاذا تحسنت نوعية وكمية المياه النازلة للخليج، فهذا سيؤثر ايجاباً عبر المد والجزر على مناطق واسعة من البصرة وجنوب الناصرية والعمارة.. ولابد للتصاميم الجارية لبناء ميناء عملاق في ثغر العراق من التعامل مع هذه المسألة، ليس بمفهوم ميناء التحميل والشحن والاستثمار والسياحة البحرية فقط، بل ايضاً لحماية المياه العذبة والتفكير بالمنشآت اللازمة لمعامل التحلية ومواقعها الاستراتيجية والاقتصادية.. التي تطورت تكنولوجياتها كثيراً، بتطور امكانيات استغلال الطاقة الشمسية وحركة الامواج والمد والجزر. فالبصرة التي تنقذ العراق بنفطها، قد تنقذه بمياهها المحرومة منه اليوم. من يدري؟"