في ٢٢/٨/٢٠١١ كتبت الافتتاحية بالنص ادناه، ارى مفيداً اعادة نشرها:
"يكتفي البعض بالدفاع عن بعض السياسات المالية بانها تجلب واردات للدولة، فهل اي وارد يأتي للخزينة هو امر مفيد؟.. فالمعيار لتبرير وتبني سياسة معينة ما تحدثه للاقتصاد الوطني وليس لاقتصاد الدولة فقط.. فعلاقة الاثنين ليست طردية دائماً.. خصوصاً مع احتكار الدولة لكل شيء. فاختلت العلاقة واصبحنا امام دولة غنية مستقوية، وشعب فقير مستضعف. والمقلق ان الكثير من الذين يدافعون عن الفقراء وحقوق الناس باخلاص، تفوتهم هذه الحقيقة، رغم التاريخ الطويل للممارسة. ففقر الشعب هو من غنى الدولة. وانظمة الجباية –تاريخياً- سببت ارهاق المواطنين وتراجع الانتاج، بدل تقدمه.. لاسيما عندما يتصرف الحكام بالاموال كحق شخصي. فلا تُرد للشعب كخدمات واصلاحات وعمران، حسب موضوعة انما اموالكم ترد اليكم.
فزيادة الضرائب والتعرفة الجمركية والرسوم لا تعني بالضرورة المنفعة العامة.. على العكس قد تعني الضرر بحسابات الاقتصاد الوطني رغم جلبها الاموال للدولة.. فالاقتصاد الوطني يحسب بالناتج الوطني الاجمالي وبالدخل القومي الذي هو مجمل النشاطات الاقتصادية المنظورة وغير المنظورة.. اما الدولة واقتصادياتها، فتحسب بالموازنة العامة، التي هي النفط والجبايات وارباح الاستثمارات الحكومية، واخرى اقل شأناً.
فعندما تعلن دوائر الضريبة والمعارض والجمارك وغيرها زيادات فيجب قياس اثارها على الدخل القومي والمؤشرات الاقتصادية بدراسات خبرة لمتخصصين وفق طروحات الاقتصاد الكلي. فالفائدة الحسابية للخزينة قد تعني خسائر واضرار في الاقتصاد الوطني. فهل اعددنا الدراسات الجدية؟ فلابد من نشرها عند الايجاب، فهذا حق للجميع ليطلع ويناقش.. بخلافه فلابد من المراجعة. فلا يكفي القول عند رفع الجبايات انها ستجلب موارد اضافية وستحمي الاقتصاد. والا سنسقط بردود فعل، اضرارها اكثر من منافعها، بغض النظر عن النية. فلو تقرر غداً زيادة ضريبة الدخل فقد تزداد واردات الضريبة المباشرة، لكنها قد تقود لتراجع الاعمال والعمالة.. وبالتالي تراجع الارقام المطلقة للضرائب المباشرة وغير المباشرة، وازدياد النفقات الاجتماعية..الخ، مما ينعكس سلباً على واردات الدولة والاقتصاد الوطني سوية.. كذلك فان زيادة التعرفة الجمركية قد تعني زيادة الاسعار والكلف العامة والتهريب والفساد والرشوة وانتشار البضائع الرديئة دون ان نحمي صناعتنا وزراعتنا.. المتراجعة ليس من فوضى الحدود وانفتاحها العشوائي فقط، بل اساساً من عراقيل الروتين والضعف -المتزايد منذ عقود- في تحفيز المستثمرين والاسواق وعوامل الانتاج بكلف مشجعة."