(وهي حملة تؤشر الخطر المستشري في المجتمع وهو مرض تليف الكبد اسبابه وطرق علاجه وسبل الوقاية منه.....
ويبقى المريض المصاب.........ينادينا بصوت عالي .....
اعيدوا لي كبدي......)
لو شبهنا جسم الانسان المتكون من اعضاءمتعددة متناسقة وتعمل بنمطية مسيطر عليها بطريقة لا ارادية لقنا ان الكبد هو معمل الطاقة المتجدد وهو وزير الطاقة بحق ولذلك شبه الشعراء والعشاق الكبد عنفوان الحياة اي هو الملهم او الذي يعطينا سبب لديمومة الحياة وتحمل مشاقها فهكذا هو الاب او الام او المعلمين او الاساتذه ينادون الجيل الجديد من ابنائهم ب فلذات اكبادنا التي تسير على الارض وهكذا كنا في الماضي ونحن صغار نسمع من الأباء والمعلمين عبارة (فلذة كبدي) فنتساءل عن معناها ومن يُقصد بها وربما فهمناها بعد فترة من الزمن أن معناها أن الولد ذكراً كان أو أنثى فلذة كبد أبيه أي قطعة منه يفرح لفرحه ويحزن لحزنه ويمرض لمرضه ويهتم به وكلنا يعرف ذلك ومارسناه نظرياً في كثير من الأحيان وواقعياً في بعض الأحيان خاصة عندما تشتد المسؤولية على الآباء .
ولعلي استعير قصيدة الشاعر صالح محمد جرار وهو يبث شوقه وحنينه الى فلذات كبده الغائبون عنه.......
غـبـطـوني الـوَحْـدَةَ إذ قـالـوا: | بُـعْـدَ الأطـفـالِ رَجــا الـكُـثْـــــرُ! | |
يـــا ويـــحَ الــقَـسْـــوَةِ مـــا فـعـلَـتْ | بقلوبٍ ضجَّ لها الصّخْــــرُ! | |
أتــكــونُ الــرّحــمـــــةُ فــــي قــلـبٍ | إلاّ والــطّــفْـلُ لـــهــا شَــــطْــــرُ؟! | |
بــالـطـفــــــلِ نــــذوقُ حـلاوتَـهـا! | بـالـطـفلِ يــفـوحُ لــهـا عِــطْـــرُ! | |
بـالـطـفـلِ يــعـيـشُ لــنــا أمَـــــلٌ! | بـالطفلِ يُـضيءُ لـنا عُمْــرُ! | |
فـــــكــــــــأنَّ الــعـيـشَ بــــلا طــفــلٍ | عـــنـــد الأزواجِ هــــــو الــبــتْـرُ! | |
يــا ســعْــــدَ الـبيتِ إذا درجَـتْ | فـيـهِ الأطـفـالُ!! فـهـمْ بِـشْـرُ! | |
الــــطـــفـــلُ رحـــــيــــقٌ نـــــرشُـــــــــفُــــهُ | مِـن زهْـر الـحُبِّ، وذا سِـرُّ! | |
والـطـفـــلُ الـزيـنةُ فـي الـدنيا! | وإذا رُبُّــــــــــــــــوا فــــــــهـــــــمُ ذُخْــــــــــرُ! |
وهكذا يواصل العشاق في معنى الكبد واهميته وربطه باستمرارية الحياة والحب وديمومتها وهكذا ايضا شاعرنا المحب المعروف ديك الجن الحمصي وهو عبد السلام بن رغبان بن عبد السلام بن حبيب الكلبي، . شاعر مجيد، فيه مجون، من شعراء العصر العباسي. سمي بديك الجن لان عينيه كانتا خضراوين. أصله من سلمية (قرب حماة) ومولده ووفاته بحمص (في سورية) لم يفارق بلاد الشام في قصيدته وهو يبث لوعاته لفراق حبيبته وويبث لوعته ولهيب النار في كبده ومنه استمد المثل العراقي ومن لوعتكم جبدي احترك وزوعت دم (تقيأت)وهو ارتباط شاعري طبي يوضح احد اسباب القيء الدموي هو تلف الكبد ودوالي المريء ونرجع الى لوعة ديك الجن وابياته المتلوعة ...
وَدَّعْــتُـهـا ولَــهِـيـبُ الــشّـوْقِ فـــي كَــبِـدي | والــبَــيْــنُ يُــبْــعِــدُ بـــيـــنَ الــــــرُّوحِ والــجــسَــدِ | |
وَدَاعَ صَـــبّـــيْـــنِ لَــــــــمْ يُـــمْـــكِــنْ وَدَاعـــهـــمــا | إِلاَّ بـــلَـــحْـــظَـــةِ عَــــــيْــــــنٍ أَوْ بَــــــنـــــانِ يَـــــــــــدِ | |
وَدَّعْــــتُـــهـــا لِـــــفِـــــراقٍ فـــاشْـــتَــكَــتْ كَـــــبِــــدِي | إذْ شَــبّــكَــتْ يَـــدَهـــا مِــــــنْ لَـــوْعَــةٍ بِـــيَــدِي | |
وحـــاذَرَتْ أَعْــيُـنَ الـواشِـيـنَ فـانْـصَرَفَتْ | تَــعَــضُّ مِــــنْ غَـيْـظِـهـا الــعُـنّـابَ بــالـبَـرَدِ | |
فـــكـــانَ أَوَّلُ عَـــهْـــدِ الــعَــيْــنِ يـــــومَ نَـــــأَتْ | بــالــدَّمْــعِ آخِــــــرُ عَـــهْـــدِ الــقَــلْــبِ بــالـجَـلَـدِ | |
جَــسَّ الـطّـبيبَ يَــدي جَـهْـلاً فـقلتُ لـهُ | إِنَّ الــمَــحَـبّـةَ فــــــي قَــلْــبــي فَـــخَـــلِّ يَـــــدي | |
ليسَ اصْفِراري لِحُمّى خامَرَتْ بَدَني | لــكــنَّ نــــارَ الــهــوى تَــلْـتَـاحُ فــــي كَــبِـدِي | |
فــــــــقـــــــال هــــــــــــــذا سَـــــــقَـــــــامٌ لا دَواءَ لَــــــــــــــهُ | إِلاَّ بِــــرُؤْيَــــةِ مَــــــــنْ تَــــهْــــواهُ يــــــــا سَــــنَــــدِي |
وهذا ايضا الشاعر عروة بن اذينة احد شعراء العصر الاسلامي المتقدم وهو يبث لوعته العشقية ويربطها بحرارة الكبد.....
إذا وجَدْتُ أُوارَ الحُبِّ في كَبِدِي | عــمــدتُ نــحــو ســقـاءِ الــقـومِ أتــبـردُ | |
هَـبْـنِـي بَـــرَدْتُ بِــبَـرْدِ الـمـاءِ ظـاهِـرَهُ | فَــمَــنْ لــنــارٍ عــلــى الأحْــشــاءِ تَــتَّـقِـدُ |
وهذا الشاعر النجدي في تناص شعري مع قصيدة عرة بن اذينة وبلغة اقرب الى الفهم الحالي وتكون مغناة تصل الى قلوب السامعين وتدغدغ اكبادهم المحترقة باللوعة.....
كبدي اللي لاعها الحزن ودواها صعيب | اشـــــرب الــبـــارد وعـــيـــا يـــبـــرد حـــرهـــا | |
أنـشد الـلي جرب الحـزن لا تنشـد طبيـب | يــــــــــــــــــــخـبـرك مـــن ذاق حـلــو الـحـيـاه ومـرهــا |
ان في مقدمتي التي جملتها بالقصائد في اهمية الكبد وربطها بعنفوان الحياة لنا فيها رباط قوي للحياة وان الكبد متجدد وقادر على بناء نفسه من جديد بتقدم العلوم الطبية والخلايا الجدعية وان المتبرع الواهب لجزء من كبده الى من كانوا يطلقون عليه فلذات اكبادنا التي تمشي على الارض اصبحت قصص واقعية مثلا ان لي صديق طبيب واستاذ جامعي اصيب بتليف الكبد الكحولي وبعد الاجراءات الطبية والفحوصات اتجه استتراتيجية العلاج نحو عملية زرع الكبد فما كان من ولده البكر الطبيب الا يكون مترعا لابيه وهو يقول له انه فلذاتك التي اعيدها اليك لتواصل الحياة معنا ونبقى نتظلل بحنيتك ومحبتك...
وهذه قصة اخرى لمريضة شابه اصيبت بالتهاب الكبد المناعي فما كان من زوجها الذي عاش معها قصة حب في الجامعة قبل الزواج وتكوين العائلة الا يكون هو المتبرع لها بجزء من كبده لتبقى تشاطره الحياة والحب وتبعد عنه اللوعة والحرمان.....
وللموضوع بقية ولنحافظ على اكبادنا وفلذات اكبادنا لانهم الكنز الحقيقي لعنفوان الحياة وديمومتها.
الدكتور الاستشاري
رافد علاء الخزاعي