اما خلافاتنا الناتجة عن التعصب في النظر الى من يخالفنا رأيا ً ، فتنبع من الطبيعة الانسانية الموظفة توظيف خاطئ لكون الانسان عدو ٌ لما جهل ، ولان الألفية الثالثة هي عصر افول الأيديولوجية وابتعاد الجمهور عن القرأة وميلهم الى السمع في الحكم على القضايا ، فسيكون تحويل الاختلافات الى خلافات أمرا ً هينا ً على تجار الحروب والفوضى ، لسهولة التجني على المذاهب وإطلاق العنان للأفكار السلبية من الطائفية والفئوية ، وهذا سيؤدي بصورة غير مباشرة وعلى الامد البعيد الى عولمة الفرد والمجتمع التي تعتبر نتيجة حتمية لتصاعد النزاعات الفرقية بغض النظر عمن يكون المنتصر في هذه النزاعات ، وهذه النزاعات الناتجة عن استخدام بعض الأفكار بشكل عكسي ، كأستخدام المنطق في قتل البعض كما يذكره الدكتور علي الوردي في كتابه خوارق اللاشعور ، " فلان ضحك من دون سبب ، الضحك من دون سبب هو تعبير عن قلة الأدب ، وكل قلة أدب هي مضرة بالدِّين ، وكل مضر بالدِّين يجب محاربته ، اذا يجب محاربة فلان لانه مضر بالدِّين ! " والكثير من هذه الاستنتاجات المغلوطة التي تسري في جسد المجتمع لتمزق النسيج الاجتماعي بسبب مجرد فكرة خاطئة عولمها البعض لتصبح فكرة عالمية تمثل دينا ً معينا ، ليكون منتقدا ً من قبل المجتمعات التي تؤمن بحرية التعبير والتفكير وما شاكلها من الشعارات البراقة التي يرفعونها ولا يعرفون روحها وفحواها ، بينما في الجانب الاخر يتم تدويل وعولمة بعض الأفكار التي تعتبر تافهة بالمقارنة مع بعض القضايا التي يعاني منها العالم الثالث ، فقد حاول الغرب بفضل قدرته على التأثير في الرأي العام العالمي وجعل قضاياه وأولوياته أساسية وعالمية ، ولم يكترث في الوقت نفسه لقضايا المجتمعات الاخرى وأولوياتها ، ولم يسمح بطرحها عالمياً رغم تفاقمها ، مثل قضية تخريب البيئة وغلاف الأوزون التي تعتبر تافهة بالمقارنة مع قضية الفقر والمجاعات والمجازر الجماعية التي تحدث في العالم الثالث ، رغم ان البيئة وغلاف الأوزون تتحملها الدول الصناعية التي أفرطت في استغلال الطبيعة وليس لدول العالم الثالث تدخل في ذلك ، فلا تعتبر شريك في القضية لا من ناحية الأسباب ولا من ناحية التأثير المستقبلي والنتائج التي تترتب على عولمة الفكرة .
ومن كل ذلك نستذكر ان ابسط اختلافاتنا التي تحولت الى خلافات دولية وعالمية ماهي الا نتيجة الجهل المطبق الذي نعيشه ، فالغرب تطور عندما ترك الصراع بين الكاثوليك والبروتستانت وتوجه الى العمل ، ونحن ان أردنا التقدم لنترك خلافات السنة والشيعة في مضمارها الديني والعلمائي ، ولنتوجه الى مضمار العمل الانتاجي وليس هنالك طريق اخر لذلك .
عمار جبار لعيبي الكعبي