نمت لدي عادة الذهاب الى الصفحة الاخيرة ومعرفة الخاتمة والمجرم والجريمة. فاعود الى الرواية بلا انفعال او غموض حول الحقيقة وطبيعة الادوار.. لاشك ان هذه العادة افقدتني لذة الاثارة.. لكنها علمتني ان احكم على الامور بخواتيمها.. مما قد يوفر الحصانات من الانزلاق في خطأ التشخيص.. ولعل هذا ما ذهب اليه بعض الفقهاء من الكلام عن "فقه المآلات" لتشخيص المصالح والمواقف المطلوب اتخاذها. استخدم هذه المقدمة للدخول الى احداث الايام الماضية.. واتخاذ الموقف الصحيح منها.. فالاعمال الارهابية واستخدام القتل في الاجندات السياسية هو عمل مدان بالمطلق ولا تبرير وهدنة معه.. ولا جدال ان الزرقاوي كان واضحاً في رسالته الاولى "لبن لادن".. فعندما استهدفت "القاعدة" شهيد المحراب قدس سره، ومرقد العسكريين عليهما السلام والمئات من العمليات غيرها كانت تفتش عن الرد الانتقامي وانطلاق موجات الغضب والتعصب.. فالحرب الاهلية هي التي توفر المستنقعات التي تفرخ فيها خلايا العنف والارهاب والتخريب.. وهي التي توفر الحجج الاضافية لاقناع المترددين في المعسكرين بان لا خلاص لهم الا بالحلول المتطرفة.. اما ثمن ذلك فالقضاء على وحدة الشعب، بل على مقومات عيشه وحياته ووحدته وكيان الدولة ككل.
واجبنا الوقوف جميعاً ضد الارهاب واتباع سياسة صارمة في مواجهته وتنشيف منابعه والاقتصاص بسياسة فعلية -وليس لفظية- لاستئصاله.. وتوحيد الشعب، كل الشعب، حول الدستور وما يمنحه من مكاسب وحقوق وتوزيع صلاحيات للجميع. ففي الجولة السابقة لم يتحقق التقدم -ورغم الحواضن والولاءات الباطنية هنا وهناك- دون وقوف اهالي بغداد والانبار وصلاح الدين وكربلاء وديالى والنجف والبصرة والحلة وغيرهم ضد الارهاب واشكال العنف الاخرى وعناصره.. ومصلحة الجميع ان يقفوا مشتركين ضده اليوم.. واي نقاش او سياسة او اولوية على حساب محاربة الارهاب والعنف، او اي اجراء يساعد على تنمية هذه الاعمال وتشجيعها سواء بقصد او بغير قصد.. وتحت اي غطاء تمت، هي سياسة قاتلة يجب التصدي لها.
من المفيد ان نقرأ الصفحة الاخيرة في هذا المسلسل الخطير الذي قد يقودنا الى كارثة كبرى.. وان نغلق المسارات التي تقود اليها.. والا لن ينفع الندم والبكاء مع الخاتمة التي يُخطط لها."