قد لا يدرك البعض ان الامم عندما تتمسك بتقاليدها وعاداتها وقيمها فانها عن وعي باطن وابتدائي تدافع عن مصالحها.. فهذا كله اختزال وتكرار لمصالح تراكمت في شروط وظروف محددة وجرت مجرى العادة لبداهتها.. العادات والقيم البالية التي لا تواكب الظروف والشروط المستجدة تتهاوى وتزول من ذاتها، او مع اول خطوة تغيير او اصلاح.. والامم تنبذها لحس لديها بضررها وبطلانها، وتأخذ الجديد ببطء وحذر للتدقيق والتكيف والهضم.. وللاسف صار البعض يحارب كل القيم وانماط العيش، لا لشيء الا لانها قديمة.. ويعوضها بكل جديد حتى ولو كان ضاراً، دون ان يقدر انه بذلك سيخسر شيئاً من طاقاته وقدراته وامكانياته.. ويحارب كل جديد دون تدقيق حتى لو كان نافعاً، مما شكل ضياعاً وفقدان اية قاعدة مستحدثة او متواصلة للتطور..
لنعطي مثالين.. صحارينا وثلوج غيرنا.. كلاهما يقتلان ولا يمكن العيش فيهما الا بالاستعداد والتكيف .. الاخرون حولوا ثلوجهم الى رياضات وسياحات وشاليهات ورجال ثلج وملابس مكيفة واعياد.. ونحن نزدري بمن يسكن البوادي والواحات.. بدل تحبيب ذلك للنفوس وتشجيعه ودعمه بما يسمح بتطوير الحياة وتقدمها والحفاظ عليها.. انها الثقة بالنفس وعيش الظروف الحقيقية والتكيف معها واستثمارها لصالح الانسان والحياة.. وحسنا يفعل الخليجيون باعادة القيم لحياة الصحراء وتبيان جمالياتها ومزاياها واعادة الكثير من الفعاليات فيها لتصبح قبلة للغير ولاهل البلاد.
لسنا من دعاة التمسك بكل قديم.. فالامم تتغير.. والبالي يزول شئنا ام ابينا.. فلدى الامم الاخرى امور عظيمة يجب ان نتعلم منها.. ما نعتقده فقداناً للثقة هو عندما نتخلى –دون بديل افضل- عن فنون حياة وعلومها، تحت اشكال مختلفة من الضغوطات والاحراجات. فقضايا اللباس واللغة والمقاييس والعمارة وطرق العيش ووسائل التعبير والطعام والمجاملات الاجتماعية وغيرها، امور تفتخر بخصوصياتها الامم الاخرى، وتدافع عنها وتتكيف معها وتطورها، فتتسع المجالات والقدرات، بدل ان تختنق وتتراجع. وكلما ازدادت الامم قوة، كلما ازدادت ثقة بنفسها وبحثت عن جذورها ومقومات عيشها الطبيعية والبيئية والاجتماعية المختلفة."