العملة -تعريفاً- معادل سلعي.. هكذا نشأت وتطورت حتى وصلت الى الرمز الورقي.. الذي لا يغير من قيمة السلع والخدمات، فهو مجرد رمز تحدد السلطة النقدية قيمته.. فتصححه -صعوداً وهبوطاً- حركة الاسواق وتدخل "المركزي".. فالغاء الاصفار لن يؤثر البتة في قيمة الدينار.. فاذا كانت قيمة الدولار ١٢٠٠ ديناراً.. فقيمة الدولار ستكون ١.٢ ديناراً. وسيعادل (١) دينار (١٠٠٠) دينار حالي.. ولن تتغير القوة الشرائية .. فالاسواق -وبهدف السهولة- تلغي الاصفار احياناً.. فتقول (١) وهي تعني (١٠٠٠).. و(٢٥) وتعني (٢٥٠٠٠). وستكون العملة الجديدة اكثر سهولة للنقل والحفظ وفي المعاملات والحسابات والتدقيق والعد.. فالتعامل مع ورقة اسهل من التعامل مع (١٠٠٠) ورقة. خصوصاً بطرح فئات اعلى من ٢٥ ديناراً.
شطبت تركيا ٦ اصفار قبل عدة اعوام.. وقاد "الاصدار التضخمي" في التسعينات لارتفاع التضخم الى ٢٠٠٠٠% وظهور دينار "صدام" باصفاره الكثيرة.. مقابل "الدينار السويسري" باصفاره القليلة.. وبقي الاثنان في التعامل بقيمة مستقلة لكل منهما، الى الغائهما في ٢٠٠٣ دينار.. فتوحدت العملة وعادت الثقة للدينار.
سيتم تدريجياً طرح العملة الجديدة ليتم سحب ما يقابلها، ليسود ما خف حمله وغلا ثمنه. ولاشك ان العودة الى الوضع الطبيعي للدينار سيشكل عاملاً عملياً ونفسياً في الاتجاه الصحيح. واذا ما عالج "المركزي" مسألة اجزاء الدينار فسيغلق اهم باب لاستغلال العملية لزيادة الاسعار. اما كلفة العملية فقد توفر مالاً للبنك والاقتصاد على المدى البعيد.. "فالمركزي" يقوم من وقت لاخر بسحب العملة المتآكلة ليطبع غيرها.. ولاشك ان طباعة وادارة ٤ مليار ورقة نقدية هو اقل كلفة من ٤ ترليون ورقة.
ان العملة الرمزية –خلاف المعدنية- لا قوة او ضعف لها بذاتها.. وقوتها القاعدة الاقتصادية التي تمثلها.. فتدهور الاقتصاد قاد بالضرورة الى تضخم نقدي وزيادة الاصفار.. ولعل الالغاء مؤشر لانخفاض التضخم وتحسن الاقتصاد القطاعي، ان قام الاخرون بدورهم "كالمركزي" برصانته، فحافظ على استقرار العملة وقوتها، ورفع احتياطيات البلاد بعد انهيارها، وساهم بخفض التضخم."