فاستخدام "الصوت والصورة" تطور في مختلف الحقول. والحقيقة ان الممارسة ليست جديدة.. فالحيوان والانسان يسمع بعينه اولاً الحركات قبل ان تلتقطها الاذان.. فللكلام وقع.. وللصورة والرؤية وقع اخر، فعندما يلتقيان يمكننا القول ان الناس تسمع ما ترى.
لقد تقدمت السينما الصامتة على "الحكايتي".. وتقدمت السينما الناطقة على الاثنين.. وكذلك الشاشة مع المذياع.. وقاد انتشار الاعلام المرئي الى تغيرات كبرى في الممارسات والقيم.. ولعبت الفضائيات دوراً كبيراً في ثورات المنطقة الاخيرة، التي اسمعت بالصورة عن البؤس والتمييز والاستبداد ما عجز الكلام عن نقله عقوداً طويلة.
هذا الفهم مارسه الانسان طوال تاريخه.. لكنه بدل الاستخدام العفوي صار يدرسه ويحلله ويستخلص الدروس.. فطوّر علماء النفس والاجتماع النظريات.. ومن التجارب، كان يؤتى بقرد ويتم ضرب قرد اخر امامه على وقع موسيقى معينة.. فيرتعب الاول وينطوي خائفاً في الزاوية وسط صراخ القرد الثاني.. ولاحقاً صار يكتفى بعزف الايقاع لينطوي القرد في زاويته. وهي تجارب صارت اساساً لترويض الحيوانات ولعمل "السيركات". فتقوم الحيوانات بحركات استثنائية تبدو وكأن المروض يكلمها، لكنها تسمع ما ترى. هذه "السيركات" انتقلت الى المجتمعات.. ولعل ابرز مثال هو اسلوب "غوبلز".. فاستفاد من النظريات للترويج لهتلر والنازية. كان يكفي النازييين القيام بجريمة بشعة، وتنشر صورها بوعي، مرتبطة بشارات الصليب المعقوف.. ولاحداث نفس الاثر يتم الاكتفاء لاحقاً برسم الصليب المعقوف فيدخل الرعب والخوف والاستسلام قلوب الناس.. فالناس يسمعون ما يرون.. وهو نفس الاسلوب الذي اتبعه الصهاينة في "دير ياسين".. او صدام حسين في تخويف الناس وخداعهم وترويضهم.. او الارهاب اليوم، فيهرب الناس بمجرد الاشاعة والاشارة او الرائحه او الراية.
الناس يسمعون ما يرون.. هي قاعدة على المسؤولين العراقيين ان يتعلموا منها.. فكثرة الكلام عن المنجزات.. وتكرار كلام يناقض بعضه بعضاً، ومناقض للحقائق، سيشكل قناعات سلبية لن تقبل حتى بالامور الايجابية المتحققة.. لابد ان ترى الناس المنجزات لتسمع مثل هذا الكلام وتصدقه. فالناس تسمع ما ترى."