لو عادت بنا الذاكرة الى حكم البعث في العراق منذ ستينيات القرن الماضي لوجدنا ان هناك فرق كبير بين الحاكم والشعب بكل مكوناته، فلا يمكننا ربط الحاكم بالمكون السني الذي ينحدر منه والدليل واضح من خلال تصفحنا لملفات اركان الحكم، فحينها لا يتعدى الحكم رجال العائلة والمقربين وهو بذلك لا يمثل المكون السني او غيره، فكلنا بقينا ضحية سلطة طارئة على مبادئنا من التسامح والعيش المشترك وحرية التعبير والاشتراك بالمصير، ولأجل كل ماذكر لا نجد مبرراً لوجهات نظر تركز على تحول الحكم من السنة الى الشيعة بقدر ماهو تحول من السلطة الدكتاتورية الى الحكم الديمقراطي، ولمن لا يتفهم هذا التحول ويؤمن به، عليه ان لا يجردنا مرة اخرى من الانتصار فيلفق المعاني ويشيع المصطلحات بما يتناسب مع محاولة البعض بقتل التجربة الجديدة في العراق، خصوصاً واننا جميعاً نعلم مدى خطورتها على المجتمع الاقليمي وجيران العراق لما لها من تغيير مقلق للبعض بشكل الحكم، وللأسف يأتي بعض ابرز كتابنا لينذر نفسه لمشروع التشكيك بهذه التجربة الديمقراطية الحديثة على المنطقة،لنجد كتاب مثل باسم العوادي و خالد الحمداني يحاولون بكل السبل اشاعة( شيعة السلطة) المصطلح الذي يخالف المضمون في تجربتنا الحديثة، فمن حكم العراق بعد اندثار التجربة البعثية المريرة ومع كل الاخطاء التي رافقت سنوات حكمهم،الا انهم اولاً واخيراً مرروا من خلال انتخابات حقيقية انتصر الشعب بتحقيقها وادامتها والقضاء على كل من يحاول تدنيسها وهم بذلك اثبتوا ان الحكم حكم الشعب، ولا وجود لشيعة السلطة مثلما لا يوجد كرد الرئاسة او حتى سنة البرلمان التي لم نسمع من يشيع لهذه التسميات سابقاً، مما يؤكد لدينا محاولة البعض لاجهاض حكم الاكثرية الشيعية في العراق لحساب اجندته الخاصة.
ويجدر بنا ان نذكر إن أول من أشاع هذه التسمية المسمومة(شيعة السلطة)هو الكاتب حسن العلوي في كتابه(شيعة السلطة وشيعة العراق..صراع الاضداد) منتقداً كل الاحزاب والتيارات الشيعية المشاركة في الحكم وحاول جاهداً اقناع القارئ بأن هناك فرق كبير بين شيعة العراق وممثليه في سدة الحكم، ليعود نفس الكاتب ويطرح اسمه مرشحاً للبرلمان عام ٢٠١٠ ويفوز بمقعد عن القائمة العراقية ومع أنه شيعي وفي السلطة لكنه جرد نفسه من مصطلحه البغيض لكي لا يعانق الاضداد هذه المرة بعد ان صارعها،ثم انه لم يشرح لنا الفرق بينه وبين من يقصدهم في كتابه! رغم ان اغلب من ذكرهم ينتمون لتيارات سياسية لها جذورها التأريخية والشعبية مع الوسط والجنوب،اما هو فعرف كاتباً للحكام والرؤساء ولا يوجد ما يجمعه مع ابناء جلدته الذي يدعي الدفاع عن حقوقهم.
هنا نقول لكل من يطبل لأي تسمية غير متداولة عليه ان يفكر جيداً بمدى تأثيرها في الشارع العراقي وان يعي مايكتب جيداً، فنحن بالوقت الذي لا نزكي فيه من يتصدى للحكم لا نسمح بتجريد اكثرية الشعب من نصرهم، اما الحكم فهو حكم شيعة العراق بمشاركة كل المكونات الاخرى بما يهدف لتحقيق السيادة وتحقيق مستوى معيشي يليق بالمواطن العراقي، ويرسخ لحرية الفكر والرأي والتعبير، وكل ما يعرقل تحقيق هذه الاهداف بسرعة خاطفة يعود الى حجم التركة الثقيلة التي اورثها الحكم البعثي،وهي(الاهداف) اولاً واخراً ستتحقق مادمنا نعيش وفق مبدأ الثواب والعقاب الذي اختطه الشعب طريقاً للتغيير والارتقاء بالوطن، والتغيير الكبير في حكومة ٢٠١٤ اثبات اخر على وهن فكرة شيعة السلطة وضعفها امام حكم الأكثرية من الشعب واعتماد مبدأي الاستحقاق والشراكة.