فان تكريت عاصمة الأيوبي, التي تعتز بها من يؤمن بمنهجه العقائدي والفكري والتاريخي, وتحتفظ بموقع استراتيجي بالنسبة للمنطقة الغربية, التي تراهن عليها العشائر المؤيدة لإقامة كيان فيها, ووجود تكريت يمثل القلب النابض للحراك السني, كونها مسقط رأس القيادات البعثية, وموضع اعتزاز عناصر الحزب المحظور, التي تراهن قياداته في الخارج “الممولة لأغلب العمليات الإجرامية في العراق” على إن تصبح تكريت في يوم من الأيام عاصمة الطائفة السنية, في ساعي لتوحيد المحافظات الغربية في تحقيق مطلبها في أقامة كيان فدرالي أو كونفدرالي, لذا من الصعب على الجهات السنية المعارضة للعملية السياسية, دخول القوات العراقية من مجاهدي الحشد الشعبي والجيش والشرطة الاتحادية إلى تلك المنطقة.
أما معركة تكريت في الحسابات السياسية والأمنية للحكومة العراقية والإطراف الداعمة لها, فإنها تمثل مفصل مهم لابد أن يتحقق النصر فيه, وتبقى تكريت مدينة عراقية يرفع العلم العراقي في ربوعها, رغم التكهنات المطروحة, لان بقاء تكريت بيد داعش أو سيطرة البعث على أجزاء من إدارتها, ليس من مصلحة الحكومة العراقية وأبناء المنطقة الغربية, خاصة الرافضين للوجود الداعشي على أراضيهم, بالإضافة إلى أن تواجد مقاتلي داعش على أرضها, يجعل بغداد والمدن المحادده لها غير مستقرة, بسبب الهجمات الإجرامية التي تنطلق منها, وهنا لابد من الإشارة إلى أن مع وجود عشائر موغلة أيادي أبناءها بدماء الشباب الشيعة (١٧٠٠), والذين قضوا نحبهم بدم بارد في قاعدة اسبايكر العسكرية في يوم ١٢ حزيران, هناك عشائر عربية أصيلة تسكن في المناطق المجاورة لتكريت, ترفض سيطرة داعش على المدينة تكريت التاريخية في نظرهم, فأذن هناك عدت عوامل مشتركة بين إطراف الحكومة العراقية والعشائر السنية, تجعل قضية تحرير تكريت في أولويات التخطيط السياسي والعسكري الساعي لتحريرها.
فتكريت ليست مجردة مدينة تحت سيطرة العصابات الإجرامية, إنما هي مرتكز قوة لطرفي المعادلة, فالحكومة العراقية ترى فيها موقع قوة للانطلاق نحو تحرير باقي المحافظات والمدن الغربية, وأهمها الرمادي والفلوجة والموصل وتلعفر وسنجار, بمساعدة أبناء القبائل الرافضين لداعش, ومن جهة أخرى فان معركة تكريت تعتبر الرهان على قوة العصابات الإرهابية ومن يقف خلفها داعم لها, لاسيما التحالف الدولي الذي توجه له عدت جهات أصابع الاتهام, بأنه غير جدي في الوقوف مع الحكومة العراقية ضد داعش, والدوائر الإقليمية الساندة لداعش أولاً, ولجهات سنية معارضة للعملية السياسية ثانياً, التي لا تقبل بانكسار تكريت أهم المعاقل الرئيسية في المنطقة الغربية.
فإذن معركة تكريت حاسمة ومصيرية, لأنها معقل تاريخي, وموطن سياسي, وذات بعد عسكري تراهن عليها جميع الإطراف, إما تحريرها أو في بقاءها حاضنة للإرهاب.
عمار العامري