ولذا سوف نتعرض في هذه المقالة لهذين الجانبين كل على حدة. في الجانب الأول المتعلق بأثر الهجوم السعودي بمعاونة وتأييد من مصر وتركيا والسودان والمغرب ودول الخليج عدا عمان على الوضع الإقليمي ووضع الشيعة على العموم لا أجد أن هناك ما يقلق في هذا الشأن، وإذا كان البعض يقارن بين ما حدث للأخوة اليمنيين وما حدث للمستضعفين في البحرين فأجد أن هذه المقارنة في غير محلها، فالبحرين جزيرة صغيرة وأهلها مسالمون ولا تتوفر لهم مقومات الدفاع عن النفس، أما الحالة اليمنية فمختلفة تماماً، فاليمن له رقعة جغرافية شاسعة ذات طبيعة صعبة، واليمنيون متعودون على الحروب والقتال ومتمرسون في هذا النوع من الحروب، وهم بعد ذلك يمتلكون كافة أنواع الأسلحة من طيارات ودبابات وصواريخ متوسطة المدى وبقية أنواع الأسلحة. لذلك لا يمكن للقصف الجوي أن يحدث فارق ذو قيمة، واليمن لا يملك بنية تحتية متطورة حتى يتم تدميرها، وكما هو معلوم عسكريا فإنه لا يمكن للتفوق الجوي أن يحسم الموقف في أي معركة، وإنما من يحسمها هو التواجد على الأرض، وهناك شواهد كثيرة على ذلك، ولعل أحدثها الحرب على داعش في العراق وسوريا، وقبل ذلك العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان عام ٢٠٠٦، فرغم التفوق الهائل للطيران الإسرائيلي فإنه لم يستطع أن يحسم المعركة رغم أنه استمر في القصف ٣٣ يوماً متواصلة، رغم صغر حجم لبنان، فما بالك باليمن المترامية الأطراف، بعدد مقاتلين يربو على الثلاثة ملايين. وهناك نقطة أخرى مهمة، وهي أن من يدخل الحرب عليه أن يعرف كيف يخرج منها من خلال تحديد أهداف واقعية، وإلا فإنه سوف يدخل في مستنقع لا يخرج منه، وهذا ما حدث لإسرائيل في حربها مع حزب الله، وهو الحال مع السعودية في حربها على اليمن هذه الأيام. إذا كان هدف السعودية إعادة عبده ربه منصور هادي للحكم فهو أمر مستحيل، لأن القوات الحوثية وحلفاءها باتت تسيطر على غالبية أراضي اليمن، وهي تتقدم رغم الهجوم السعودي، إلا إذا قرر السعوديون التدخل البري، وهو أمر مستبعد جدا، وهو أمر يتمناه اليمنيون على كل حال، لأنه سوف يصيب السعوديين في مقتل، لأنهم سوف يتيهون في جبال اليمن وتضاريسها الصعبة، أما إذا كان الهدف هو إضعاف الحوثيين فقط فهذا لن يتحقق بسرعة وإنما يحتاج إلى وقت طويل جدا، وهو ما لا يمكن أن تتحمله السعودية لفترة طويلة، وخاصة إذا بدأ الحوثيين الرد بقصف مواقع داخل المدن السعودية. وتبقى نقطة مهمة في هذا الجانب، وهي أنها المرة الأولى التي تخوض فيها السعودية حرباً بشكل مباشر، فكل الحروب التي كانت تخوضها السعودية في المنطقة كانت حروب يقوم بها أخرون بالنيابة عنها، وهنا يمكن القول أن الخير فيما وقع، فكل شرور المنطقة منبعها السعودية، وهذه الشرور التكفيرية والتأمرية سوف تستمر ما لم يتم كسر شوكتها في معقلها، ومن المرجح أن تكون اليمن هي من يكسر هذه الشوكة. أما فيما يخص انعكاس اعلان دول الخليج –عدا عمان- بقيادة السعودية الحرب على اليمن على الواقع الكويتي المحلي، فيبدو أن هناك من بدأ يستذكر فترة الثمانينات ويعتبر أننا سوف نمر بفترة مشابهة في الفترة المقبلة، وأعتقد أن هذا انطباع خاطئ، لأن الأمور تغيرت كثيراً عن الثمانينات، ففي الثمانينات كانت إيران المقاوم الوحيد، وكانت فتية طرية العود وكان يراد تدميرها ومحوها إلى الأبد، وكانت وسائل الإعلام محكومة للأنظمة المستكبرة، أما اليوم فإن الواقع مختلف، فإيران دول قوية تقارع الدول العظمى، وهي على وشك توقيع اتفاق مبدئي مع أمريكا خلال ٤٨ ساعة، وحزب الله أصبح رقماً صعباً في المعادلة الإقليمية، وعراق صدام تحول إلى عراق مقاوم يملك مقومات التضحية وخاصة بعد تشكل الحشد الشعبي بفعل فتوى المرجعية، ثم أتى الحضور القوي في اليمن ليزيد قوة المؤمنين قوة، وهذه كلها ظروف تجعل محاولة التعسف مع الشيعة في الكويت محفوفة المخاطر، وحتى لو تم احتجاز بضع أشخاص بسبب مجاهرتهم بمعارضة العدوان السعودي فهذا لا ينبغي أن يفت في عضدنا، فوسائل الإعلام وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت متاحة للجميع ويمكن أن تحدث فارق كبير في خلق رأي عام. لذلك من المهم عدم الانكسار وإظهار العزة، وإن كان ذلك لابد أن يتم بعقلانية وحكمة وفي إطار القانون حتى لا نعطي للمتربصين الفرصة.