ان الأستحواذ على السلطة وهدر المال العام والتفكير في المنافع الفئوية والشخصية وإهمال الخدمات وخلق الأزمات صفة لازمت نظام الحكم في العراق بعد عملية التغيير والسبب يعود الى ثقافة ووعي الشعب العراقي والضغط الذي تعرض له عقود من الزمن ادت الى عدم استثمار الديمقراطية وحرية الاختيار بشكلها الصحيح .... فلا زالت القوة والأغراء والشعارات الرنانة الفارغة المحتوى تؤثر في ذهنية المجتمع العراقي على مختلف شرائحه وهذه الثقافة هي التي تحول النظام الديمقراطي الى نظام بيروقراطي .
لقد استطاع المالكي استغلال نقطة الضعف هذه للبقاء في الحكم فترة اطول ويمكن ان يستمر على هذا النهج خصوصا اذا لم يعي العراقيين حقيقة ما يجري حولهم من مؤامرة رخيصة لتضليل الرأي العام وقلب للحقائب وتحويل الهزيمة الى نصر والاخفاق الى انجاز.
وفي مثل هذه الظروف تتحول الديمقراطية الى سرطان مميت ينخر عظام هيكل العملية السياسية ولا يوجد له علاج غير علاج الوعي الجماهيري الذي يستطيع التميز بين الديمقراطية والبيروقراطية .. والعلاج الأخر هو سن قانون يحدد فترة الحكم وعمر الحاكم في السلطة وخلاف ذلك سوف تكون حرية الراي اداة بيد من يملك النفوذ والمال فبالنفوذ يمكنه السيطرة على مؤسسات الدولة حتى يصل الأمر الى التحكم بصناديق الأقتراح وتوجيه الأرقام الأنتخابية بصالح الحزب الحاكم او شراء الذمم وكلاهما ادوار مؤثرة يمكن استغلالها في مجتمع متخلف سياسيا مثل المجتمع العراقي .
ان العلاج الذي يمكنه الوقوف بوجه سرطان الديمقراطية هو التركيز على رفع الوعي السياسي لدى الجماهير وبيان حقائق مايجري وتفعيل مؤسسات المجتمع المدني والتي يمكنها ان تعلب دورا اساسيا في الرقابة والتوجيه شريطة ان لا تكون مؤسسات ترتبط باجندة الحكومة او الخارج .
ان المالكي بمثابة سرطان أصاب جسم الديمقراطية في العراق ويحتاج الى استئصال سريع قبل ان يصبح من الصعب استئصاله مما سوف يحول نعمة الديمقراطية وحرية التعبير عن الرأي الى دكتاتورية مؤطرة بإطار ديمقراطي.