في ٢٠٠٥ وفي الانتخابات الداخلية لـ "الائتلاف العراقي الموحد"، وبعد فوز الدكتور الجعفري بـ٦٤ صوتاً وخسارتي بـ٦٣ صوتاً، طلب المجتمعون القاء كلمات ختامية.. وقفت على المنبر واكدت على امرين من جملة امور اخرى. الاول وهو ان العراق وصل بانتاجه النفطي في السبعينات الى حوالي ٣.٥ مليون برميل/يوم، بينما تراجع اليوم لاقل من ٢ مليون برميل/يوم.. تسائلت ما السبب؟.. هل لان الخبرات او الامكانات تراجعت؟ ام لاننا غرقنا بالامر السياسي ونسينا الامر الاقتصادي.. فذبحتنا السياسة ودمرتنا الشعارات والمزايدات والتحزبات والمحاور والحروب الداخلية والخارجية التي لم تنفع البلاد لا سياسياً ولا اقتصادياً ولا اجتماعياً ولا امنياً ولا في وحدتها ومكانتها الاقليمية والعالمية. فهل تعلمنا الدرس؟ ام ما زال بعضنا يقدم العوامل التي دمرتنا على عوامل نهضتنا وتقدمنا؟
والثاني ان اي نظام بحاجة الى دوافع ومحفزات للانطلاق والتقدم.. كان نظام الخوف وما يقابله من قمع ورعب هو محرك النظام قبل ٢٠٠٣. فقرارات النظام الكبرى وسياساته واجراءاته الاساسية لا يمكن الاحتجاج عليها لا من مجلس وزراء او مجلس نواب او هيئة نزاهة او دائرة رقابة، او مفتشية او مجالس محافظات ولا من الرأي العام والاعلام.. كان يمكن التعبئة لاية فكرة بما في ذلك تجييش الناس للحروب، فتستجيب الجموع خوفاً او قناعة.. وهنا تساءلت في الاجتماع اعلاه.. ان كنا سنعود لنظام القمع ليكون محفز الانطلاق والتقدم؟ ام يمكن مع الحريات ونظام المؤسسات ان تكون هناك حوافز ودوافع تتحرك بها الانظمة وتتقدم؟ وقلت لا بديل امامنا لابعاد الفوضى والتمتع بالحريات، من بناء مؤسسات تعمل كما تعمل مؤسسات التجارب الناجحة.. والتخلص من النظام الريعي واحتكاريته بالاستفادة من الموارد النفطية لاعادة انطلاق القطاعات الحقيقية للاقتصاد. وان تصبح الحقوق واصحابها وحماية دوافعهم وحوافزهم هي المحركة للنظام، فيعتبر وقف التقدم وتعطيل المصالح وكبحها والاضرار بها هو الفساد والاعتداء على الحقوق العامة.. وهو الذي يولد الخسائر ويراكم الاضرار.. وليس فقط تلك الاجراءات الحريصة على الفلس والمضحية بالدينار.
لن نشهد نهضة حقيقية، ان استمر نمط النظام الاحتكاري بالاستقواء بكل مظاهره ونتائجه الاقتصادية والسياسية، وستبقى الفوضى وصراع المواقع والتعطيلات المتقابلة هي الحاكمة.. فتعطل السلطات والدوائر بعضها البعض الاخر.. وتتصادم القوانين والتشريعات القديمة النافذة مع التطلعات الجديدة والدستورية.. وتتضارب التعليمات والضوابط والاوامر الديوانية.. وتتوجه انظار الجميع الى الدولة باعتبارها دولة رعاية اجتماعية، وليس دولة خدمة عامة، مما يقود كله ، الى وأد اية خطة او رؤية او سياسية تهدف للانطلاق والتقدم.