أعلنت قيادة عمليات البصرة، السبت، عن إلغاء الحظر الذي فرضته الأسبوع الماضي على الصيد البحري في المياه الإقليمية، بعد أن قدم لها الصيادون تعهدات بعدم التجاوز مستقبلاً على المياه الكويتية على خلفية حادثة إغراق سفينة صيد بنيران دوريات كويتية، فيما دعا الصيادون قيادة عمليات القوة البحرية العراقية إلى حمايتهم من الاعتداءات التي يتعرضون لها من قبل الدوريات الكويتية والإيرانية.
وقال قائد عمليات البصرة الفريق الركن محمد جواد هويدي في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "القيادة اتخذت اليوم قراراً يقضي برفع الحظر، الذي فرضته الأسبوع الماضي على الصيد في المياه الإقليمية العراقية كإجراء احترازي يهدف إلى عدم وقوع مشاكل جديدة مع الجانب الكويتي"، مبيناً أن "قرار إلغاء الحظر جاء بعد أن قدم الصيادون اليوم تعهدات خطية بعدم التجاوز على المياه الكويتية".
واعتبر هويدي أن "القوات العراقية تحرص على أمن وسيادة المياه الكويتية والإيرانية، مثلما تحرص على أمن وسيادة المياه العراقية"، متهماً بعض الصيادين "بتهريب الأسلحة والمخدرات ونقل المتسللين بغطاء الصيد البحري".
وشدد هويدي على أن "قيادة العمليات لن تتهاون مع الصيادين الذين تتجاوز سفنهم نطاق المياه الإقليمية العراقية"، كاشفاً عن وضع ضوابط جديدة لتنظيم عمل الصيادين "تتضمن إلزامهم بتعيين وجهتهم وموعد عودتهم قبل السماح لسفنهم بالتواجد في المياه الإقليمية العراقية".
وأشار قائد عمليات البصرة إلى أن "التجاوزات التي يرتكبها الصيادون تسيء إلى علاقة العراق ببعض دول الجوار وتتسبب أحياناً بإحراج للحكومة العراقية"، لافتاً في هذا السياق إلى أن "سفينة الصيد العراقية التي أغرقتها الدوريات الكويتية يوم الأحد الماضي كانت متوغلة بعمق ثمانية أميال بحرية في المياه الإقليمية الكويتية".
وأكد هويدي أن "دوريات القوة البحرية العراقية ليست مخولة بالتواجد في المياه الكويتية التي وقع فيها الحادث لكنها جازفت وتواجدت فيها لإنقاذ بعض الصيادين من الغرق".
وكانت تعرضت يوم الأحد الماضي سفينة صيد عراقية اسمها (أحمد ١) إلى هجوم من قبل ثلاث زوارق تابعة لقوة خفر السواحل الكويتية قامت بمحاصرة السفينة الخشبية ولدى محاولتها التملص من الاحتجاز أطلقت الزوارق الكويتية عليها النار ما تسبب بإغراقها ومن ثم اعتقال تسعة من بحارتها أطلق سراح خمسة منهم بعد يومين من وقوع الحادث والأربعة الآخرين مازالوا محتجزين في دولة الكويت، وهم كل من طه محمود سبهان، حيدر محمود سبهان، ماجد صادق، حسين عبد المجيد والأخير أصيب بجراح خطيرة لدى اعتقاله وهو يخضع للعلاج في إحدى المستشفيات الكويتية.
وقد أعلنت وزارة الداخلية الكويتية في بيان لها بعد يوم من وقوع الحادث أن المنظومة الرادارية في الإدارة العامة لخفر السواحل رصدت هدفاً بحرياً في المياه الإقليمية الكويتية وعند التعامل معه اتضح أنه زورق عراقي وطلب منه التوقف فلم يمتثل عندها تم التعامل معه لإيقافه بالقوة، وأن الحادث أدى إلى مقتل أحد أفراد الإدارة العامة لخفر السواحل وتم إعطاب الزورق العراقي وإغراقه كما تم ضبط البحارة العراقيين والتحفظ عليهم لاتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة بحقهم.
وفي الوقت الذي رفض فيه قائد عمليات البصرة التعليق على حادثة مقتل عنصر الأمن الكويتي، ذكر صيادون انه قتل بنيران زملائه عن طريق الخطأ.
وقال مدير جمعية السندباد لصيادي الأسماك بدران عيسى إن "عنصر الأمن الكويتي تمكن من الصعود على ظهر سفينة الصيد لكن الصيادين حاولوا بشكل مفاجئ الهرب من خلال زيادة سرعة السفينة، ما دفع بالزوارق الكويتية إلى إطلاق النار عليها بكثافة ما أدى إلى مقتله وإغراق السفينة"، معتبراً أن "الصيادين حالوا الهرب من دون تخطيط مسبق لدى محاولة السيطرة على سفينتهم لانهم يدركون وقوعهم بقبضة عناصر خفر السواحل الكويتية بذنب أو بغير ذنب يعني تعرضهم الى التعذيب بقسوة يصعب وصفها".
ودعا عيسى في حديث لـ"السومرية نيوز"، قيادة عمليات البصرة إلى "اتخاذ تدابير من شأنها حماية أرواح وكرامة الصياديين العراقيين"، مؤكداً أن "الدوريات الكويتية والإيرانية لم تكن تجرأ على الاعتداء على الصيادين العراقيين قبل عام ٢٠٠٣"، بحسب تعبيره.
من جهته، قال رئيس جمعية الفاو لصيد الأسماك فارس عجيل في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "قرار قيادة العمليات بفرض حظر على صيد الأسماك في المياه الإقليمية أدى إلى ارتفاع أسعار الأسماك في أسواق البصرة كما أسفر عن تضرر مئات العوائل التي تقتاد على مهنة الصيد"، معتبراً أن "إلغاء القرار سمح بعودة عشرات سفن الصيد الى المياه الإقليمية".
ودعا عجيل إلى "الاهتمام بالصيادين العراقيين وحمايتهم مثلما تفعل بحريات الدول المجاورة للعراق"، مؤكداً أن "سفن الصيد تجنح أحياناً بفعل التيارات المائية والرياح السريعة باتجاه المياه الكويتية أو الإيرانية، لكن هذا لا يتطلب الضرب والاعتقال وإغراق السفن بمن فيها"، وأضاف متسائلاً "لماذا لا تتعامل البحرية العراقية بنفس الأسلوب مع زوارق وسفن الصيد الإيرانية والكويتية التي تمر بمياهنا باستمرار من دون أن يعترضها أحد".
يذكر أن قضاء الفاو، نحو ١٠٠ كم جنوب مدينة البصرة، يحتوي على مرفأ مخصص لرسو زوارق وسفن الصيد التي تراجع عددها من ٢٠٠٠ سفينة خشبية ومعدنية صغيرة الحجم خلال سبعينيات القرن الماضي إلى أقل من ٢٣٠ سفينة من نفس النوع في عام ٢٠٠٨، وتعد ظاهرة المضايقات والاعتقالات التي يتعرض لها الصيادون خلال عملهم، فضلا عن إرتفاع أسعار الوقود وغياب الدعم الحكومي من أهم العوامل التي أدت إلى إنحسار مهنة صيد الأسماك البحرية التي كان يشتهر بها سكان قضاء الفاو إلى جانب الزراعة وتربية الثروة الحيوانية.
