تطرق ممثل المرجعية الدينية العليا وخطيب الجمعة في كربلاء المقدسة سماحة السيد احمد الصافي في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف في السابع من ربيع الأول ١٤٣٢هـ الموافق ١١-٢-٢٠١١م إلى مسألة البطاقة التموينية والتي أصبحت مشكلة تضاف إلى مشاكل الخدمات والكهرباء والأمن حيث إن توفير مفردات البطاقة التموينية باتت من الأمور الضرورية للمعيشة في تلك الظروف الصعبة التي يمر بها البلد.
وتساءل سماحته قائلا: أيهما أصعب توفير مفردات البطاقة التموينية أم تلك الصناعات الهائلة التي نشاهدها في العالم؟! ولماذا نعجز إلى يومنا هذا عن حل هذه المشكلة؟! وكيف تنتهي؟!! وهل أصبح هذا الأمر من الأحلام وهو حصول المواطن على مفردات البطاقة التموينية بما يتناسب مع جودة غذائه؟!. وعقب على ذلك إنه لم يظفر على جواب شاف لتلك الأسئلة أبدا، وكل ما قيل من أجوبة فإنها غير مقنعة.
وتابع إن هناك سر دفين، لكن يحاول البعض أن يغفل هذا السر ويواريه عن الأنظار، حتى أصبحت المادة الغذائية للعوائل المحتاجة من الأحلام!
وأضاف إن المشكلة تقع بين لصوص وبين حيتان والحوت يلتهم ولا يشبع، وهذا ناتج كله من عدم الشعور بالمسؤولية، وهي مسألة لابد أن تُحل وتحتاج إلى جرأة في حلها.
واعترض سماحته على بعض الأخبار التي تطرق مسامعنا بين الفترة والأخرى بأنه سوف تأتي الباخرة الفلانية وغير ذلك من الأمور، ولكن الوضع يبقى كما هو بل في بعض الأحيان يكون نحو الأسوأ، وأضاف كأن هناك إرادة من بعض المنتفعين عندما يسمع الكلام لمصلحة الناس يعاهد نفسه على أن يؤذي الناس، هناك حفنة من الناس التي تتاجر بقوت الناس، وتساءل ألا يستحق هذا الشعب الكريم النبيل أن ينعم بمفردات البطاقة التموينية؟! إلى الآن هناك عجز ولف ودوران وتبريرات، وكل يوم نسمع تبريرات بنفس هذه الطريقة وكأنه استهزاء بالناس .. ألا يستحي مسؤول عندما يتكلم بكلام ويعلم إن كلامه غير صادق ... ألا تتبدل النفوس؟!.
وتابع سمعنا إن الميزانية المرصودة قليلة فلو صدقنا ذلك فإن المسألة تحل كالتالي: جهزوا البطاقة بالمبلغ المتوفر للشهر الأول والثاني إلى ... السادس مثلا ً وقولوا انتهى المبلغ حتى يعرف الناس إن هذا الحجم الجيد فعلا ً يحتاج إلى ميزانية أخرى. وسمعنا مرة أخرى إن البطاقة التموينية قد مُنعت عن بعض الأفراد أصحاب الرواتب العالية وهذا ممكن وجيد، ولكن هؤلاء كم يشكلون إزاء الـ ٣٠ مليون شخص في العراق!!.
وطالب سماحة السيد الصافي المسؤول المعني بالقضية أن يكون صريحاً مع الناس وان يضع الحقائق كما هي، وأشار إلى إن بعض الإخوة عندما يأتون إلينا وهم يلتفتون يمينا ويساراً وكأنهم يخافون وعندما نسألهم عن حقائق الأمور فيقولون كذا وكذا وكذا .. وحقيقة الأمر ثمة عصابات بهذا المعنى تحاول أن تمتص قوت الناس وليست هناك جرأة حقيقية على مكافحة هذا الداء العضال!!.
وأكد إنه سيبقى يتحدث عن البطاقة حتى يتحسس السارق ويتحسس المسؤول حجم هذا الفساد الذي عمله، مشيرا إلى بعض تقارير لجنة هيئة النزاهة التي فيها أرقام مرعبة حيث يوجد في عام ٢٠١٠ م أكثر من ٤٠٠٠ قضية تحال إلى النزاهة، ولعله أكثر من ١٥٠ منهم بعنوان مدير عام !!! ووجه كلامه إلى المخلصين الشرفاء الأعزاء إنه لابد من إرادة قوية لمحق اللصوص ومحوهم أصلا لاسيما أولئك الذين يحاولون سرقة قوت الشعب.
وعن مسألة التشريعات التي فيها منفعة لعامة المواطنين تحدث سماحته عن إن هذه المسألة ينبغي إبعادها عن الشخصنة، حيث إنه إذا لم يكن الشخص الذي يشغل مسؤولية في الدولة العراقية متجرداً لا يمكن أن يؤدي وظيفته بالتزام وإذا لم يكن أبا لا يمكن أن يؤدي وظيفته بشكل جيد، والذي يعطل إرادة الأبوة في مؤسسات الدولة هي إرادة نفسية ضيقة الأفق، خلفية قد تبدو خلفية نفسية اجتماعية طائفية فكرية لكن بالنتيجة الشخص عندما يتبوأ أية مسؤولية بهذه النفسية فالمنصب سيصبح ملكاً له ولأبيه ولعشيرته .. وبالنتيجة يحرم الآخرين منها ..
واستطرد سماحته لقد آل الوضع بنا إن تكريس الوضع الشخصي للمسؤول أصبح هو العنوان الأهم الذي يجب أن يقاتل السياسي من اجله، أما الخدمة العامة والوضع العام والمشاكل الحقيقة كيف تعالج! هذا ما لم نقف عنده؟!! كم تشريع إلى الآن نفتقر إليه ؟!! كم مشكلة من المشاكل نعاني منها؟!! وكمثال على ذلك المطر رحمة في معظم بلدان العالم لكنه أصبح في بعض مناطقنا كارثة !! أعطونا حلولاً حقيقة ؟! وليس حلولاً سنفعل كذا وكذا ؟!!
وقال سماحته إن جرعات العلاج موجودة وتحتاج إلى همة وجهد والى ميدانية، كم مرة تكلمنا بميدانية المسؤول؟!! لماذا لا يصغي المسؤول إلى ذلك أيستنكف من ذلك ؟! يا أخي لا يمكن تصديق مجموعة من الذين يلمعون فهذه الطريقة غير مجدية!! والمشاكل لا تحل بكلمة وإنما تحل بواقعية وبجد، والإنسان عليه أن يفتش عن حلول للمشاكل الحقيقية التي يمر بها البلد، والحلول ممكنة فالبلد غني وكل شيء في البلد متوفر ولكن المشكلة أين؟! إنها تكمن في وضع الرجل المناسب في المكان المناسب يتحمل المسؤولية ولا يحارب من قبل المفسدين.
وتطرق سماحته إلى ما يحدث الآن في البلاد العربية وقال إن بعض البلدان فيها تجاوز إرادة الشعوب والتي فيها نتائج لا تسر بطبيعة الحال، وإرادة الشعوب لابد أن يصغى لها والكلام المنبثق من صميم الواقع لابد أن يوضع في حسابات من يتصدى للأمور.
وفي الختام طالب الحكام الرضوخ لمطالب الشعوب وأكد إن احتمال المؤامرة في حقها مستحيل، وأشار إلى أن التجاوز على إرادة الشعوب أمر غير حسن وليس له نتيجة ايجابية، وكل مسؤول عليه أن يسمع بايجابية إلى تلك المطالب وعدم الإصغاء إلى بطانات السوء، حيث إن بعض المتصدين لا يعلمون بسبب الصورة غير الواقعية التي تعرضها البطانة المستفيدة استفادة شخصية من وجود هذا أو ذاك على حساب فئات الشعب.