وقال نوري المالكي في كلمة ألقاها خلال احتفالية أقامها ديوان الوقف السني، اليوم، بمناسبة ذكرى المولد النبوي في جامع أم القرى ببغداد، وحضرتها "السومرية نيوز"، "لقد شغلنا لسنوات بالظروف الأمنية الاستثنائية الشاذة التي كادت أن تنهي البلد إلى تشتت وتمزق وحروب داخلية، لم تقف عند حدود القتال بين طائفة وأخرى ومذهب وآخر وإنما دخلت الحروب ضمن الطائفة الواحدة فاقتتل الشيعة مع السنة ومن ثم اقتتل الشيعة مع الشيعة والسنة مع السنة".
ووصف المالكي الحروب بـ"القذرة والنتنة"، محذراً من "فسح المجال لمن يريد أن يتحدث عن هذه الأمور التي تميز بين عراقي وآخر كي لا ننتكس مرة أخرى، ولعل خطبة من على منبر تطفي نار فتنة أكثر مما يستطيع المسؤول في موقع المسؤولية، ولعل خطبة من على منبر آخر يحرض فيها على العنف، ربما تستهدف جهد مجموعة كبيرة من الأجهزة الأمنية".
وأضاف المالكي "أنا لا أتحدث عن الذين لا يؤمنون بالديمقراطية والعملية السياسية أو الذين يؤمنون بالعنف والقوة والميليشيات والعصابات والقاعدة لأن هؤلاء هم الأعداء الحقيقيون اللذين يريدون تدمير بنية البلد والعودة به إلى الصفر"، معتبراً أن "الذي مر به العراق من آلام وجراح ينبغي أن يكون حاضراً أمامنا".
وشدد رئيس الوزراء على "ضرورة عدم التمييز بين أبناء العراق في شيء إلا بالإخلاص والصدق والأمانة، وتحمل المسؤولية من أجل الانطلاق بالبلاد نحو آفاق أوسع لتوحيد أبنائه وإعماره وتشييده على أسس صحيحة، ليجد كل مواطن فيه حقه محفوظاً وكرامته مصانة".
ودعا المالكي المسلمين في العراق إلى "الرحمة بينهم والرحمة مع الشركاء الآخرين من ديانات ومذاهب وأقليات اللذين يشتركون معهم في البلد على أساس المواطنة"، مؤكدا أن "على الجميع حماية أمنهم وكرامتهم وشراكتهم، لأنهم شركاء ويتحملون مسؤوليتهم ويأخذون حقوقهم، وهذه هي المعادلة التي ينبغي أن نعمل بها حيث لا حقوق بدون مسؤولية ولا مسؤولية بدون حقوق".
وطالب المالكي بـ"إغلاق الباب أمام الذين يريدون تشتيت الصفوف وتمزيق الوحدة الوطنية، التي ينبغي أن تكون أساساً لرسالة الإسلام للعالم"، داعيا لأن "يكون يوم المولد النبوي الشريف رمزا للوحدة الإنسانية جمعاء والتمسك والإيمان والعمل لإحياء الرسالة، وأن نستلهم منها ونتوقف عندها".
وأكد المالكي أننا "سواء في العراق أو في أي بلد من بلدان العالم الإسلامي عرضة للتآمر ولمزيد من محاولات الاحتواء والتحكم، حتى باتت كثرتنا لا تغني شيئا ولا تعبر عن قوة"، موضحا أنه "يجب علينا بناء دولة عراقية قوية وحضارية وعصرية تتمتع بسيادة كاملة غير منقوصة ولا يخدش سيادتها شيء".
وأشار المالكي إلى أن "العراق أصبح نموذجا في العالم الذي تعرض لمثل هذه الحروب التي من عادتها أ لا تستقر ولا تهدأ إلا بعد عشرين عام بحسب التقديرات المعمول بها"، مؤكدا أنه "بوحدتنا وانفتاحنا استطعنا محاصرة النار نحو أربعة أعوام"، موضحا أن "ما بقي من النار ينبغي محاربته من خلال الجهد المشترك بين المسؤول في الموقع الأمني والسياسي وبين المواطن والخطيب على المنبر، ولا يتصور احد أن المسؤولية في عاتق الرجل الأول أو الثاني في الدولة لا في السلطة التنفيذية أو التشريعية أو القضائية".
وأوضح المالكي أن "العراق اليوم ليس كعراق الأمس عندما كان العراقيون مشتتين وخائفين ومهاجرين في أجواء ذلة"، مشيرا إلى أن "العالم اليوم بدء ينفتح علينا والعراقي الآن بدء يذهب ليصطاف وللسياحة غير خائف من جواز سفر أو أن يعاد به إلى العراق"، مؤكدا "أن الكثير من الدول تطلب رفع التأشيرة بعد أن كان العراقي مرفوض دخوله بأي شكل من الأشكال، نتيجة للثقة التي تولدت في النظام السياسي للبلاد".
واعتبر المالكي أن "الدولة استقرت ولكنها لن تستقر بشكل كامل إلا بعد اكتمال عملية البناء تشريعيا وتنفيذيا وهيكليا وإداريا، وهذا ما ينبغي التعاون عليه في الأيام المقبلة"، لافتا إلى أن "العراق حقق نظاما سياسيا محميا بإرادة شعبية قائم على أساس الشراكة والمواطنة وحرية الشعب في الاختيار"، مؤكدا أن "حضور الشارع الشعبي العراقي في العملية السياسية هو الضمان للكثير مما وقعت به دول تتخبط اليوم أو تتعرض لمزيد من الإرباكات السياسية، وأنه بحضور الشعب ستنتهي كل المبررات التي يراد من خلالها الإضرار والإخلال بالأمن والاستقرار والوحدة والسيادة في البلاد، كما أن هذا النظام يقوم على أساس كامل الحريات المكفولة بالدستور والتي تؤمن بها جميع الفصائل التي قالت نعم وشاركت في العملية السياسية".
ولفت رئيس الوزراء، إلى أنه "حتى وان تظاهر الناس فليتظاهروا معبرين عما يريدون، وللإعلام حريته، وأيضا حرية العمل السياسي والحرية الاقتصادية وهذه الحريات جميعها ينبغي أن تكون أساسا لأنها هي الصورة التي يعبر من خلالها الناس عما يريدون، ولكن أيضا ضمن إطار المسؤولية الشرعية والوطنية"، مطالبا بأن "تكون التظاهرات معبرة عن مطالب وهنا تبرز المسؤولية مشترطة، حيث التعبير عن المطالب التي يقابلها وقفة من المسؤول لدراستها".
وبشأن سوء الخدمات، قال المالكي إن "أزمات البلاد من غير الممكن أن تحل بجرة قلم، فقد أصبح العراق على أرضية صلبة، ونحتاج وقت وهمّة اكبر لاختصار هذا الزمن لتحقيق كل الخدمات التي يريدها الشعب بعدما حققنا نظاما سياسيا مستقرا محميا بإرادة شعبية".
يذكر أن رئيس الوزراء نوري المالكي كان قد حذر، في السادس من شباط الحالي من خروج تظاهرات في الشارع العراقي على غرار ما يحدث في بعض الدول العربية، معتبرا أن تلك التظاهرات، في حال حصلت، ستكون بعضها حقيقية بسبب نقص الخدمات فيما سيكون البعض الآخر بتوجيه ودعم من بعض الجهات.
وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر دعا، أمس الاثنين، في بيان وزعه مكتبه في النجف وتلقت السومرية نيوز، نسخة منه، أتباعه إلى التظاهر ضد الاحتلال ونقص الخدمات، مشيرا إلى أهمية أن يكون التظاهر سلميا وبمشاركة الجهات الأخرى مع الحفاظ على الدم العراقي.
ومنح البرلمان العراقي في جلسته التي عقدت، يوم ٢١ كانون الأول الماضي، الثقة لحكومة غير مكتملة يترأسها نوري المالكي.
وبلغ عدد الوزارات التي صوت عليها ٣٨ وزارة من بينها تسع وزارات بالوكالة وهي وزارة الداخلية والدفاع والأمن الوطني التي أوكلت إلى رئيس الوزراء، ووزارة التجار التي أوكلت إلى نائب رئيس الوزراء روز نوري شاويس، والكهرباء أوكلت إلى نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني، ووزارة المرأة أوكلت إلى وزير الخارجية هوشيار زيباري، ووزارة الدولة لشؤون المصالحة أوكلت إلى وزير التعليم العالي علي الأديب، والبلديات أوكلت مهامها. إلى وزير الإسكان محمد صاحب الدراجي، وأخيرا وزارة منظمات المجتمع المدني إلى وزيرا الهجرة والمهجرين ديندار نجمان، ومن بين الوزارات أيضا ١٢ وزارة دولة.