واسفرت التظاهرات ضد النظام الليبي عن عشرين قتيلا على الاقل في مدينة بنغازي (١٢٠٠ كلم شرق طرابلس) وعن سبعة قتلى في درنة (شرق)، وفق ما نقلت صحيفة اويا الليبية القريبة من سيف الاسلام القذافي نجل الزعيم الليبي على موقعها الالكتروني.
واكد مصدر طبي لفرانس برس السبت وصول ١٨ جثة الى مستشفى الجلاء في مدينة بنغازي على بعد الف كلم شرق طرابلس لاشخاص قتلوا خلال تظاهرات معارضة للنظام الجمعة.
وتفيد حصيلة اعدتها فرانس برس استنادا الى مصادر ليبية مختلفة ان عدد القتلى ارتفع الى ٥٩ في ليبيا منذ انطلاق التظاهرات المعادية للنظام الثلاثاء.
وامر النائب العام في ليبيا المستشار عبدالرحمن العبار بفتح تحقيق في اعمال العنف التي وقعت خلال التظاهرات المعادية للنظام وخصوصا في شرق البلاد، كما اعلن مصدر موثوق به السبت.
واضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته ان "النائب العام امر بفتح تحقيق حول اسباب الاحداث وحصيلتها في بعض المدن ودعا الى تسريع الاجراءات لمحاكمة جميع الذين يدانون بالقتل والتخريب". ولم يقدم مزيدا من التفاصيل.
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش تحدثت صباح الجمعة عن سقوط ٢٤ قتيلا حتى مساء الخميس.
وهددت حركة اللجان الثورية، معقل الحرس القديم في ليبيا، الجمعة برد "عنيف وصاعق" على المتظاهرين "المغامرين" في ليبيا، وقالت ان المساس بالخطوط الحمراء "انتحار ولعب بالنار".
وقالت الحركة في افتتاحية صحيفتها "الزحف الاخضر" الجمعة "ان اي مغامرة من تلك الشراذم المنبطحة، فان هذا الشعب الابي والقوى الثورية الشريفة سيكون ردهم (عليها) عنيفا وصاعقا".
واضافت ان "سلطة الشعب والجماهيرية والثورة والقائد (معمر القذافي) جميعها خطوط حمراء، ومحاولة تجاوزها او الاقتراب منها انتحار ولعب بالنار، وقد اعذر من انذر"، متوعدة المتظاهرين بانه "عندها لن تنفعهم اميركا ولا الغرب ولا قناة الجزيرة المأجورة".
وتعرضت التظاهرات الاولى لقمع شديد خصوصا في بنغازي معقل المعارضة والبيضاء.
ودان وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ السبت قمع المتظاهرين في ليبيا ووصفه بانه "غير مقبول ومروع" داعيا السلطات هناك الى لجم الجيش.
واكد ان لندن "تشعر بقلق بالغ" بشان مستوى العنف المستخدم ضد المتظاهرين في اليمن والبحرين واعرب عن قلقه بشكل خاص بشان التقارير عن مضايقة الصحافيين في البحرين.
وشارك الالاف الجمعة في تشييع متظاهرين قتلوا في بنغازي وفق شهود.
وتمركزت قوات الامن الجمعة حول البيضاء وتولت مراقبة مداخلها ومخارجها اضافة الى المطار، وفق ما افاد مصدر قريب من السلطة فرانس برس، وذلك بعد سرت معلومات على الانترنت ان متظاهرين سيطروا على المدينة.
وقال هذا المصدر رافضا كشف هويته ان "القوات تلقت امرا بمغادرة وسط المدينة لتفادي مواجهات مع المتظاهرين".
وصباح الجمعة، غداة "يوم الغضب" الذي دعا اليه محتجون عبر الانترنت، خلت الشوارع بشكل شبه كامل في طرابلس في حين خيم الهدوء على بنغازي، كما افاد شهود عيان اكدوا في الوقت عينه ان عشرات المتظاهرين تجمعوا امام محكمة في المدينة كان محامون نظموا امامها الخميس اعتصاما.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان الجمعة نقلا عن شهود عيان، ان ٢٤ متظاهرا على الاقل قتلوا واصيب عشرات آخرون بجروح اثر اطلاق قوات الامن الليبية الرصاص الحي على "التظاهرات السلمية" التي تشهدها البلاد منذ مساء الثلاثاء ضد نظام الزعيم الليبي معمر القذافي.
من جهتها اعتبرت المسؤولة عن قسم الشرق الاوسط وشمال افريقيا في هيومن رايتس ووتش سارة واطسون ان "الاعتداءات الهمجية التي شنتها قوات الامن على متظاهرين مسالمين تكشف حقيقة وحشية تعامل معمر القذافي مع اي حركة اعتراض داخلية".
والقذافي هو عميد القادة العرب فهو يحكم البلاد منذ اكثر من اربعة عقود بدون منازع.
واضافت المنظمة التي تدافع عن حقوق الانسان ان مئات "المتظاهرين السلميين" نزلوا الى الشوارع الخميس في البيضاء وبنغازي ودرنة واجدابيا (شرق) وزنتان (غرب)،، مؤكدة انه "بحسب العديد من الشهود فقد اطلقت قوات الامن الليبية النار على المتظاهرين وقتلتهم لتفريق التظاهرات".
واوضحت ان اعنف الصدامات وقعت في مدينة البيضاء (١٢٠٠ كلم شرق طرابلس)، مشيرة الى ان الطاقم الطبي في مستشفى المدينة طلب الخميس نحو الساعة ١٣,٠٠ المزيد من التجهيزات وقال انه لم يعد قادرا على استيعاب المزيد من الجرحى بعد تدفق ٧٠ مصابا من المتظاهرين نصفهم في حالة حرجة بسبب اصابات بالرصاص.
واكدت هيومن رايتس ووتش انها "تمكنت من التحقق من ثماني حالات وفاة" في صفوف المتظاهرين في بنغازي الخميس.
كما جرت تظاهرات في طبرق قرب الحدود المصرية حيث احرق متظاهرون مقرا للجان الثورية العمود الفقري للنظام ودمروا نصبا يمثل "الكتاب الاخضر" الذي يتضمن الافكار والاراء السياسية للعقيد القذافي ويعتبر بمثابة دستور الجماهيرية.
واضافت المنظمة الحقوقية ان "استخدام قوات الامن وقطاع طرق مسلحين لمنع الشعب من التعبير عن معارضته للحكومة يبدو اكثر فاكثر محكوما بالفشل"، مؤكدة ان هذا "التكتيك" جربه نظام حسني مبارك في مصر وفشل.
وبالموازاة حضت الحكومة انصارها على التظاهر. وتلقى المشتركون في هواتف ليبيانا رسالة نصية قصيرة تدعو "الشبيبة الوطنية" الى الخروج "للدفاع عن الرموز الوطنية"، كما اكدت هيومن رايتس ووتش.
وفي طرابلس حيث لم تلق الدعوة الى "يوم الغضب" الخميس اي تجاوب على ما يبدو، تجمع المئات من انصار الزعيم القذافي مساء الخميس في الساحة الخضراء وظلوا حتى ساعة متأخرة من الليل.
وعلى وقع الاهازيج والابواق وحلقات الرقص في الساحة الخضراء التي اضاءت سماءها الالعاب النارية ظهر العقيد القذافي وسط الجموع قرابة منتصف الليل، بحسب مشاهد بثها التلفزيون الرسمي.
وقالت وكالة الانباء الرسمية ان "الأخ قائد الثورة قام بجولة في مدينة طرابلس حيث تدافعت جموع الشعب الليبي العظيم الحر السيد وشبابه للالتحام به (...) وسط زغاريد العائلات من شرفات ونوافذ شقق عمارات شارع عمر المختار، الذي غص هو الآخر على امتداده بالجموع".
وفي سياق ردود الفعل اعلنت فرنسا الجمعة انها علقت اعتبارا من الخميس صادرات العتاد الامني الى كل من ليبيا والبحرين.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو الجمعة "تم امس تعليق التراخيص لتصدير العتاد الامني الى البحرين وليبيا".