اعتبر رئيس الوزراء العراقي، الاثنين، أن العراق أصبح اليوم أكثر الدول استقراراً بعد أن كان في قلب العاصفة، مؤكداً أن مطالب المواطنين في الدول العربية المتمثلة في إبداء الرأي والمشاركة متوفرة في العراق، فيما اتهم جهات معينة بتوظيف مطالب الشعب لمصالحها.
وقال نوري المالكي خلال لقائه وفداً من نقابة المعلمين وحضرته "السومرية نيوز"، إن "العراق أصبح اليوم أكثر الدول استقراراً، بعد أن كان في قلب العاصفة"، مبيناً أن "عوامل إبداء الرأي والمشاركة وحرية المواطنين في اختيار من يمثلهم قد توفرت، سواء على مستوى النقابات أو منظمات المجتمع المدني أو مجلس النواب أو الحكومة".
واعتبر المالكي أن "هذا الأمر أصبح اليوم مطلباً من قبل المواطنين في الدول العربية"، مضيفا "نريد من الجميع العمل بجدية، وقد وجهنا الوزراء بأن يكونوا في الميدان، وسنتابع المطالب التي رفعت إلينا وهي كثيرة".
وأشار رئيس الوزراء إلى "وجود من يقف وراء هذه المطالب ويستغلها ويسيسها، وعندما نقول التسييس لا نقصد بذلك السياسة"، موضحاً أن "السياسة رعاية لمصالح المواطنين، أما التسييس فهو توظيف مطالب المواطنين باتجاه مصالح سياسية معينة".
وأكد المالكي أن "الحريات مكفولة دستورياً، ومن يتعدى أو يتجاوز عليها يحاسب دستورياً"، مشدداً على "ضرورة أن تدخل في مناهجنا التربوية ثقافة المحبة والسلام ونبذ التمييز والعنصرية، ومحاربة العنف والإرهاب".
ودعا رئيس الوزراء بأن "يكون المنهج التربوي باحثاً عن المشتركات ومبتعداً عن الاختلافات، وأن يبنى التعليم على ما يوحدنا ويجمعنا ويقوي بنية المجتمع"، لافتاً إلى "الحاجة للوعي وترسيخ القيم والمبادئ الصحيحة والمواطنة".
وشدد المالكي أيضاً على "أهمية بناء الدولة وبناء المجتمع"، مؤكداً أن "بناء الدولة يجب أن يكون في جميع سلطاتها وقوانينها واستكمال مؤسساتها وإصلاحها وأن يكون لكل من اشترك في الواقع السياسي دور في عملية البناء، فيما يعتمد بناء المجتمع على المعلم بالدرجة الأساس باعتباره ركيزته الأساسية".
وأشار رئيس الوزراء إلى "أهمية الدور الذي تؤديه الأسرة في بناء المجتمع"، مشدداً على أن "مسؤولية المعلم والمدرس والأستاذ الجامعي هي الأهم، لأن دور المعلم يبدأ مع الطفل منذ السنة السادسة من عمره".
وأكد المالكي أن "جميع منظمات المجتمع المدني والنقابات مهمة في الدولة، لأن جميع أعضائها يشكلون الأركان الأساسية للبلد"، لافتاً إلى أن "دور نقابة المعلمين هو الأهم بين هذه المنظمات والنقابات لأن كل شيء يبنى عليها".
وأعرب المالكي عن أسفه "لما تعرضت له المؤسسة التربوية في زمن النظام السابق، نتيجة الحروب والمغامرات، ما أدى إلى التأخر عن اللحاق بركب التطور العالمي"، مشيرا إلى أن "التعليم مر أيضاً بظروف صعبة عندما كان المستوى الدراسي يقاس على أساس المحسوبيات والقرب من النظام".
وتابع "يؤسفنا أيضاً أن تكون في العراق، صاحب الثروات النفطية، مدارس طينية، وقد خلف لنا النظام المباد ٩٠٠ مدرسة طينية، استطعنا حتى الآن تخفيض عددها إلى ٥٧٠ مدرسة".
وبيّن المالكي أن "المعلم يحتاج منا الكثير، ومطالب المعلمين ضرورية ومهمة وهي في مقدمة اهتماماتنا، وقد قمنا بإطلاق المبادرة التعليمية على المستوى الجامعي"، لافتاً إلى "الحاجة لتعاون من قبل المؤسسات الدولية المختصة في ما يتعلق بالمستويين الابتدائي والثانوي".
وأكد رئيس الوزراء أن "الشراكة مهمة وضرورية، على ألا تكون مبنية على أساس المحاصصة"، معتبراً أن "من حق المواطنين في بعض الدول أن يطالبوا بتغيير أوضاعهم، المشابهة لما كنا عليه في زمن النظام المباد".
وأشار المالكي إلى أن "هذه الدول إما أن تعاني من الطائفية أو الاستئثار بالحكم منذ عشرات السنين وغيرها من الأسباب"، مؤكدا أن "التغيير أمر مهم، لكن يجب ألا يكون قائماً على التخريب والحرق والشغب".
وتابع المالكي "نحن في العراق تغيرنا من بلد كان قائماً على أساس الحزب الواحد والرجل الواحد والدكتاتورية، إلى نظام ديمقراطي يضمن الحريات للجميع ويكفلها ويحترم جميع مكونات الشعب ويتعامل معها دون تمييز، ونتجه اليوم إلى الإصلاحات".
ودعا المالكي إلى "البدء بالدستور وإصلاح بعض المفاهيم كالطائفية والمحاصصة والمكونات، ولو تحدثنا بوضوح فإن الشراكة محاصصة، ولكننا تماشينا مع هذا الأمر حتى يشترك الجميع في المسؤولية"، مؤكدا "العمل على إصلاح المؤسسات وتغييرها، لأننا ومن خلال تجربتنا العملية اكتشفنا الكثير من الأخطاء التي تحتاج إلى الإصلاح والتغيير".
واستطرد قائلا إن "شعبنا له الحق علينا في أن يتمتع بخيراته بعد سنين الظلم والحروب، وقد اتجهنا منذ سنتين أو ثلاث لاستثمار طاقاتنا بعيدا عن تخزين الأسلحة ومحاربة الدول وشراء الضمائر".
وأوضح المالكي أنه "من حق المواطن أن يرى ابنه في مدرسة أو جامعة متطورة وحديثة يستطيع أن يقدم العطاء من خلالها"، معرباً عن أسفه أن "ميزانيتنا لهذا العام لم يخصص فيها ما هو مطلوب للبحث العلمي، ولكن في العام المقبل لدينا مهام كثيرة في هذا المجال وسنعمل على تخصيص الأموال اللازمة للبحث العلمي واستثمار طاقات الشباب".
وكان البرلمان العراقي صوت، أمس الأحد، على مشروع الموازنة العامة للعام ٢٠١١ بعد نحو أكثر من شهرين من المناقشات، بغالبية أصوات الحاضرين ٢٤٠ نائباً، بقيمة ٨٢.٦ مليار دولار.
وتشهد البلاد منذ نحو أسبوعين تظاهرات شعبية استلهمت من التظاهرات التي تجوب الدول العربية والتي أدت لحد الآن إلى سقوط نظامين سياسيين في تونس ومصر، وتتركز مطالب المتظاهرين في العراق بتوفير الخدمات وفرص العمل وصون الحريات وضمان حرية التعبير إضافة إلى معاقبة المفسدين في الدولة.
يذكر أن رئيس الوزراء نوري المالكي طلب، الأسبوع الماضي، من الوزراء والمحافظين النزول إلى المتظاهرين والاستماع إلى مطالبهم وحلها بما يمكن أن يؤدي الى تقديم أفضل الخدمات للمواطنين في المجالات كافة.