طالبت رئاسات الأوقاف الشيعي والسني والمسيحي، الخميس، المشاركين في التظاهرات المليونية المقرر انطلاقها في عموم العراق يوم غد الجمعة بمنح الحكومة العراقية مهلة "كافية" لتلمس أثر المصادقة على الميزانية العامة ثم الحكم عليها، كما دعت البرلمان والقيادات الأمنية إلى ضمان سلامة المتظاهرين وتنفيذ مطالبهم، محذرة في الوقت نفسه من المندسين في التظاهرات.
وقال بيان مشترك صدر عن رئاسات الدواوين الثلاثة الشيعي والسني والمسيحي والديانات الأخرى، تلاه رئيس ديوان الوقف السني عبد الغفور السامرائي في مؤتمر صحافي، وحضرته "السومرية نيوز"، إن "الكثير من العراقيين يعتبرون تظاهرة يوم غد الجمعة فرصة حقيقية للمطالبة بتحسين واقعهم الخدمي والمعيشي وتحقيق بعض أهدافهم التي تعذر على الحكومة تحقيقها خلال الحقبة الماضية".
وأضاف البيان المشترك أنه "في الوقت الذي نشد على يد أبنائنا ونأمل معهم في المطالبة الشرعية في ظل هذه المسيرة السلمية لتحسين الخدمات الأساس وتوفير المستلزمات الضرورية، نقول أن المسيرات والمظاهرات حق شرعي كفله الدستور وأقرته جميع القوانين الأرضية والشرائع السماوية"، داعيا إلى "التحلي بروح المسؤولية والانضباط والعقلانية في التعبير عن الحاجات والمتطلبات بشكل سلمي وحضاري لتحقيق هدف التظاهرة السامي".
وشدد بيان الأوقاف الثلاثة على "حرمة دم الشعب العراقي وصيانة أمواله وممتلكاته، فسفك الدماء خطوط حمراء وجريمة نكراء"، مؤكداً "حرمة الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة من منشآت ومؤسسات وغيرها".
ودعا البيان المتظاهرين الذين سيخرجون في المسيرة إلى أن "يكونوا حذرين ويقظين ليفوتوا الفرص على المندسين ويقطعوا الطريق على المنتفعين وبعض المشاغبين الذين يبدؤونها تظاهرة سلمية ويختمونها دموية"، مضيفاً "كونوا جداراً بشرياً أمام أصحاب النوايا السيئة والخبيثة وحصناً منيعاً أمام الانفعالات والحماسة غير المنضبطة للحفاظ على أهداف وسلمية التظاهرة قبل أن ينفلت زمام الأمر".
وشدد على "ضرورة أن تحمي قوات الأمن المسيرة السلمية بكل أمانة ومسؤولية ومهنية عالية"، مطالباً الأطراف كافة بـ"الابتعاد عن ردود الأفعال المتشنجة والمتسرعة".
وطالب البيان القيادات الأمنية أيضاً بـ"تكثيف إجراءات حماية الحدود وسد الثغرات التي قد يتسلل من خلالها مثيرو الشغب والفتن وتدعيم قواتها بمعدات وأجهزة حديثة متطورة قادرة على دحر الإرهاب"، داعياً مجلس النواب إلى "ممارسة دوره في مراقبة إجراءات حماية وضمان سلامة المتظاهرين وتنفيذ كافة متطلباتهم المشروعة".
وأشار البيان إلى أن "مجلس النواب العراقي صادق مؤخراً على ميزانية الدولة العامة"، معتبراً أن "الكرة أصبحت في مرمى الحكومة".
وختم السامرائي بيان رئاسات الأوقاف الثلاثة قائلاً "نرى أن تمنح الحكومة مهلة كافية لتلمس أثرها وقطف ثمرها ثم الحكم عليها".
ويعتزم الشباب العراقي القيام بتظاهرة مليونية، يوم غد الجمعة، هيأ لها عدد من المجموعات الشبابية والمثقفين وطلبة الجامعات ومنظمات المجتمع المدني، احتجاجاً على سوء الخدمات وتفشي البطالة والفساد.
وكان مصدر في مكتب المرجع الديني كاظم الحائري في النجف أفاد في حديث لـ"السومرية نيوز"، اليوم الخميس، بأن المرجع أفتى بتحريم المشاركة في التظاهرات المليونية المقرر انطلاقها في عموم محافظات العراق يوم غد الجمعة، فيما اعتبر رجل الدين والقيادي السابق في حزب الدعوة الإسلامية محمد مهدي الآصفي، أن المشاركة في التظاهرة تضعف النظام ولا تصلحه.
كما اعتبر مرجع ديني بارز آخر هو محمد اليعقوبي في بيان صدر عن مكتبه، اليوم الخميس، أن تظاهرات الجمعة المرتقبة مثيرة للشك والتوجس لعدم معرفة الجهات التي تقف وراءها، مؤكداً عدم تحمله مسؤولية المشاركة فيها، فيما أعرب المرجع الديني الأعلى علي السيستاني، وفقاً لمقرب منه في حديث لـ"السومرية نيوز"، أمس الأربعاء، عن قلقه من خروج التظاهرات المرتقبة يوم الجمعة عن السيطرة وتسلل من أسماهم بـ"ذوي المآرب والأجندات الخاصة" إليها، فيما أكد تأييده لمطالب المتظاهرين المشروعة، كما أصدر مرجع ديني آخر وهو محمد تقي المدرسي، أول أمس الثلاثاء، فتوى تحرم التصدي للتظاهرات السلمية التي تخرج في العراق أو غيره من البلدان للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية والخدمية، كما حرم إلحاق الضرر بالممتلكات العامة أو الخاصة من قبل المتظاهرين.
وكان مصدر في مطار بغداد الدولي أكد، اليوم، أن المطار يشهد حركة نزوح كبيرة لعدد من النواب والسياسيين العراقيين، في حين لفت مصدر في إدارة الجمارك إلى أنه تم إرجاع مبلغ مليون و٢٠٠ ألف دولار حاول السياسيون إخراجها معهم.
وأعلن رئيس الجمهورية جلال الطالباني خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده، مساء أمس، مع رئيس الوزراء نوري المالكي في حضور قادة الكتل والقوى والأحزاب السياسية ببغداد، عن تأكيد القادة السياسيين ضرورة حفظ الأمن والاستقرار في البلاد، مشيراً إلى تخويل المالكي إلقاء بيان يدعو فيه إلى التهدئة واحترام القانون والنظام، فيما حذر الأخير من المندسين في التظاهرات لتحقيق مآرب سياسية.
وتشهد البلاد منذ نحو ثلاثة أسابيع تظاهرات شعبية استلهمت من التظاهرات التي تجوب الدول العربية والتي أدت لحد الآن إلى سقوط نظامين سياسيين في تونس ومصر، وتتركز مطالب المتظاهرين في العراق على توفير الخدمات وفرص العمل وصون الحريات وضمان حرية التعبير إضافة إلى معاقبة المفسدين في الدولة، وقد تخلل بعضها صدامات بين القوات الأمنية والمتظاهرين، أدت إلى وقوع عدد كبير من الضحايا بين قتيل وجريح حين قام متظاهرون بإشعال النار بمبان حكومية، لاسيما في مدينة الكوت، مركز محافظة واسط، بعدما أطلقت القوات الأمنية النار على المتظاهرين، مما أسفر عن مقتل أحدهم وإصابة ٤٩ آخرين.
وامتدت التظاهرات لتشمل إقليم كردستان حيث تشهد مدينة السليمانية، نحو ٣٦٤ كم شمال العاصمة العراقية بغداد، منذ الخميس ١٧ شباط الجاري، تظاهرات شارك فيها المئات من الشباب وطلبة الجامعة، للمطالبة بإجراء إصلاحات حكومية ومحاربة الفساد والمفسدين، تحولت منذ يومها الأول، إلى مصادمات مع القوات الأمنية، أسفرت عن وقوع ١٣٢ قتيلاً وجريحاً بحسب مصدر مسؤول في مديرية صحة السليمانية، حيث شهد اليوم الأول وقوع ٦٠ جريحاً واليوم الثاني ٢١ جريحاً واليوم الثالث ٤٨ جريحاً، فيما سقط ثلاثة قتلى خلال الأيام الثلاثة.
ومن المتوقع أن تشهد البلاد يوم غد الجمعة تظاهرة يقول القائمون عليها بأنها مليونية وتهدف إلى الإصلاح والتغيير، إلا أنه لم تؤخذ بنوايا حسنة من الحكومة التي حذرت خلال الأيام الماضية من أن يتم استغلالها لإسقاط العملية السياسية في البلاد، وقد ذكر رئيس الحكومة نوري المالكي أنه يملك معلومات مؤكدة تفيد بمحاولة حزب البعث وغيره من الجهات تسييس التظاهرات وخلق الفوضى بما يعيد البلاد إلى المربع الأول بحيث "يصعب إصلاحها".
ويؤكد التيار الصدري أحد أبرز الداعين إلى تظاهرات ضد الاحتلال والخدمات إنه لن يشارك في تظاهرات الجمعة، فقد أعلنت الهيئة السياسية للتيار الصدري، أمس الخميس، أن زعيم التيار مقتدى الصدر أوعز بإجراء استفتاء عام ولمدة أسبوع في جميع محافظات العراق من ضمنها إقليم كردستان العراق بشأن الخدمات وتأييد التظاهر.