وأوضح في الإجابة عن ذلك أن (الأمة الإسلامية إنما استطاعت إن تبقى صامدة أمام الأعاصير العاتية عبر تاريخها الطويل وإن تستوعب الهجمات الخارجية والمؤامرات الداخلية، لأنها أمة القران وصياغة النبي محمد (ص)، الذي صاغ أمة من الصفر صياغة كاملة ثم أطلقها في الحياة عبر التاريخ بعد أن حدد لها جناحين تطير بهما، كتاب الله، وأهل بيته وعترته (ع) الذين جسدوا وربوا خطاً وجيلا رسالياً ممتدا ومتواصلا في الأمة عبر الأجيال.. فالقران هو بناء الأمة هو قيمها وهو خارطة الطريق لها وهو كتاب نهضة وقيام، ويصنع الرجال ليس كأفراد وإنما يصنعهم كأمة أيضاً ،ولذلك فإنها على الرغم وجود سلطات قمعية مستبدة بها في مختلف المراحل إلا أنها رغم ذلك سرعان ما كانت تذيبها وتفتت قوتها وتستمر الأمة في طريقها..).
وتحدث سماحته في هذا السياق عن البصائر التي يجب أن نستلهمها من آيات القرآن الكريم الذي يذكرنا الله تعالى فيها مراراً بقصص أنبياء وأقوامهم، وكيف أن هؤلاء الأنبياء قاوموا الانحراف والفساد والظلم في أنماط متعددة من المجتمعات البشرية وأنواع الفساد التي أصابتها، ومن ذلك الفساد المالي والإداري والسياسي والأخلاقي، موضحا أن "هذا الفساد إذا تفشى في مجتمع ما ولم تتم محاربته والقضاء عليه فأنه ينخر فيه إلى أن يهدم المجتمع كله".
وأن من الفساد والانحراف أيضا "الركون إلى الظالمين.. والتطفيف في المكاييل والموازيين وبخس الناس أشيائهم، ليس بمعناه الضيق في بيع الطعام والثمار فقط، بل بمعنى اقتصادي واجتماعي أوسع، بما يؤدي إلى فقدان العدل والقسط، وتعدي وسرقة البعض من البعض الآخر وطلب كل شخص أو طرف ما الزيادة والمصلحة لنفسه على حساب الآخرين، وتفشي الكذب والغش والرشوة وأنواع من الفساد، ومن ثم انتشار الظلم في المجتمع بين الناس تجاه بعضهم البعض.. ما يهدد المجتمع بعواقب وخيمة، ليس أولها ولا آخرها رفع الرحمة ومنع استجابة الدعاء، لأن الفساد،الإداري والأخلاقي والسياسي والاقتصادي، أمر باطل ومضاد للحق والعدل وسلوك خاطئ ومنحرف يهدم البناء كله في حال لم تتم معالجته ويـُنتهى عنه..".
وخلص سماحته إلى القول: "إخواني وأخواتي، أبنائي، يا سياسيين، يا شعبنا الكريم، أنتم بخير والله تعالى أنجاكم من الطاغوت، أعطاكم حرية، ولديكم قانون ودستور لا بأس، نعم فيه إشكالات وعقد تحتاج إلى تعديل، ولكن ما فيه من الايجابيات كثير، فلا تفسدا حالكم وتضيعوا أنفسكم ..
أدعو كل أبناء الشعب العراقي صغيرهم وكبيرهم لأن ينتبهوا إلى انه هذه النعمة لا تبقى، وتزول إلا إذا قمتم جميعا بالمحافظة عليها، هذا الفساد الإداري والمالي، والأخلاقي حاربوه وارفضوه، كل واحد منا يحارب الفساد في نفسه وبيته ومحيطه ومجتمعه، وحدوا صفوفكم ونضموها وغيروا وأصلحوا وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، هذا بيدكم اليوم وعندكم فرصة ومهلة يجب أن تستثمر قبل فوات الأوان لا سامح الله، فالمجتمع إذا قام بهذا الدور سترى كيف أن الله تعالى سيزيد وينعم عليه بالرحمة والبركة، فلنكف أعيننا وأيدينا عن الحرام ولنتوجه إلى الله تعالى فان هذه أيام رجب الأصب بالرحمة ومن بعدها شعبان الخير ورمضان المبارك، كلها خير وبركة فتعالوا نغير أنفسنا وننقيها ونصوغها من جديد، نقف وقفة شجاعة ونغير ونرجع إلى أصولنا وأفكارنا والى قراننا والى منهج أهل البيت (ع) ليوفق الله كل واحد منا ليقوم بدور إصلاحي في المجتمع وبمقدار ما يستطيع.." .