▪️أحداثٌ مُتسارِعةٌ وَأخبارٌ عاجِلةٌ يَوميَّاً، بينَ حُروبٍ مُستمرَّة وَثورات مُضطرِمة واِستشهَاد قادةٍ وَحوادثٍ صادِمة، وَفي خِضَّم ذلِك كُلِّه أَطَلَّت عَلينا مَواقِع وَصفحات العتْه والعَداوَة، تَحمِل بين طيَّاتِها سموم الرِيبةِ والشكِّ وَالشماتةِ وَالتَنكيل، فَاِنجرفت الأَهواء وَوجّهت الاِتِهامات علىٰ نَحو اللاوَعي.
▪️بِدايةً وَقبل الخَوضِ في ورقةِ بحثِنا هٰذا، نَودُّ الاِشارةَ اِلىٰ عدَّةِ أُمورِ مُهمةٍ، يَجِب عَلينَا مُراعاتُها، وهي:
١. المُوازنة بين العَاطفة وَالمعرِفة، فانَّنا اليَّوم في موقِع المُواجَهة والدِّفاع عَن قَضيّة عَقائِدية وَنخوضُ غِمارَ غزوٍّ ثقافيٍّ قبلَ أَن يكونَ عسكرياً.
٢. اِنَّ الرُجوع اِلىٰ خِبرةِ الطّبيب في طِبِّهِ وَأصحَاب الصِناعات في صِناعَاتِهم، هوَ حُجَّة ومُسَوِّغ علىٰ اِصابةِ (صَوَاب) مَن يَرجع إليهِم فِيما يَعمل بِهِ، وَنَحنُ مُلتزِمونَ بِما تَراهُ مَرجعيّتنا الدِينية مُناسِباً.
٣. اِدرَاك أَنَّ شَهادة القَائِد في مَيدان المَعركةِ، لا تَعني خَسارةَ المَعركة أَو الخضوعِ والتَراجُع عَن خَوضِها.
▪️اِن فَلسفَة الميدان العَسكرية لا تُبنىٰ علىٰ رؤىٰ وآراءٍ شَخصيَّة، وَاِنَّما علىٰ ضوءِ تَخطيطٍ مُسبَقٍ مُستَنِد اِلىٰ خِبراتٍ عسكريِّة وأَمنية ميدانيَّةٍ، تَأخُذ جميعَ مَسالِك العدوّ والعدوِّ المُحتمل بنَظرِ الاِعتِبار (حتىٰ واِن كانَت اِحتِمالية لِجوئِهِ - العدوّ - لمَسلَك مُعيّن بِنِسبةِ ١%)، ضِمن تقديرِ مَوقِفٍ مُتكامِلٍ يُساعِد أَصحاب القرار في وضعِ الخُطط الحربيّة، وَعدمِ اِهمال مَبدأ المُرونة للتمكُّن مِن اِجراء أيِّ تغييرٍ للتَعامل مَع المَواقِف العَملياتيّة أَو التَعبويّة المُحتمَلة.
▪️لِكُلِّ حَربٍ غايةٍ وَهدف، وَغاية الكيان فِي حَربهِ ضدَّ حِزبِ الله، هي تَحطيمِ قِواه وَسلبِ قُدراتِهِ علىٰ تَهديدِ سُكَّان الشِمال الاسرائيلي، وَمِن خلالِ تقييم النَتائِج العسكريَّة، نَستنتِج أنّ الكيان لَم يتمكّن مِن تحقيق أهدافهِ، فَلا يُمكن أن يَتحقّق النَّصر عسكريَّاً اِلاّ مِن خِلال فَرضِ السّيطرة الفِعلية للقوّات علىٰ الأرض، وَأنّ قُدرة حِزب الله العسكريَّة فَاقت تَصوّرات الكيان، خاصَّةً بعدَ استهدافِهِ للداخِل الاسرائيلي وَتقويض حركتهِ البريّة، رُغمَ مُحاولةِ الكيان تَغيير استراتيجيتهِ وَقيامهِ باِستهدافِ وَتصفيةِ قادةِ الحِزب وزعيمه الفذّ السيِّد حسن نصرُالله رِضوان الله تَعالىٰ عليه، ظنَّاً مِنه بامكانيَّةِ تغيير مُعادلةِ توازن القوَّة وَلكنه لَن يُدرِك انَّه يُواجِه جَبهةً عَقائِديةً تَستَلهِم عَزيمتها مِن دِماءِ قادَتِها وَشِدَّتها مِن وِحدتِها، مِمَّا اِضطّره مُرغماً علىٰ قَبول اِتفاقيّة وقفِ اِطلاق النّار.
▪️اِنَّ العَقل البَّشري يَستطيع أنْ يُوجِدْ وَيُقدِّم صورةً مَنطقيةً للوَسائِل التي تُمكِّن مِن تَحقيقِ النَّجاح، أي أنَّه اِعتبر المَعرِفة هيَ الوَسيلة لتحقيقِ أهداف حربهِ، وبَعيداً عَن العَاطِفة فاِنَّنا لَسنا بأَكثر حِرصاً علىٰ مَرقَد السيِّدة زَينب سلامُ اللهِ عَليها مِن مَرجعيتِنا الدّينية وَلَسنَا أَمْعَنَ نَظرة مِنهُم، وأَنّ حُكمَ المُقاوَمة مِن عَدمه ينحصِر برأيِهِم وَقرارِهِم، أَمّا بالنِسبةِ لِمن يتَصوَّر أنَّ سيطرة التَنظيماتِ الارهااابيّة علىٰ سوريا، سَيَمنع المدّ العسكريّ عَن لُبنان فَهو واهِم، لأَن الدَعم العسكريّ لا يتوقَف عَلىٰ الطُرق البَريَّة فَحسب، واِنَّما بِفضلٍ مَا تَملِكهُ دُول المِحور وَعلىٰ رأسِها الجُمهورية الاسلاميَّةِ الايرانيَّةِ مِن تطور تَكنولوجيٍّ، يُمكِّنها مِن تَقديم الدّعم جَوَّاً وَبحراً وَفضاءً، فَضلاً علىٰ مَا فَرضتهُ فِي مَيدانِ المَعركة، وَالذَّي غَيَّر مَفاهيم الكيَّان الصِّهيوأمريكي وَحُلفائِهِ واِستراتيجياتِهم، وَأَخيراً وليسَ آخراً (مَا دُمنا مُتمسكينِ بمرجعيّتنا وَمَبادئِنا وَوحدة صَفِّنا، فاِنَّ النَّصرَ حَليفَنا باِذنِ الله تَعَالىٰ).
١٧ كانون الأَول ٢٠٢٤.