وقال السيد الحكيم على هامش حفل الإفطار الذي أقيم على شرفه بديوان البابطين في منطقة النزهة بالكويت ان زيارتنا اليوم للكويت تأتي في ذكرى أليمة على الشعب الكويتي والعراقي معا، موضحا تصدر المشهد السياسي العراقي الحالي الحرص على توطيد هذه العلاقة، وإرجاع الأمور إلى نصابها الصحيح وما كانت عليه قبل الغزو الصدامي، لافتا في الوقت ذاته إلى ان زيارته هي محاولة لنقل رسالة المحبة والوئام والتسامح والحرص الكبير على العلاقة بين البلدين وخلفياتها.
وأعرب السيد الحكيم عن أسفه إذا ما كانت هذه الذكرى تأخذ في النفوس الشيء الكبير ويصعب تجاهلها وتجاوزها من البعض، كما أسف أيضا على وجود بعض الأصوات النشاذ من قبل الطرفين «العراقي الكويتي» غير المسؤولة والتى تحاول تأجيج الأوضاع، مؤكدا أنه لا يمكن ان تختزل دولة العراق بسلوكيات غير منضبطة من هذا النوع. واستنكر الدور الذي تقوم به بعض المسلسلات الرمضانية ومحاولتها التذكير بتلك الحقبة، لاسيما وأنها لابد ان تظهر الوجه الحقيقي للغزو المتمثل في شخص صدام وفي هذا الحال نحن نتفق معها، أما إذا كانت تحاول ان تربط الغزو بالشعب العراقي فهذا ما نرفضه جملة وتفصيلا، لاسيما وأنها تسيء للعلاقة التاريخية للجانبين الكويتي العراقي.
وأردف السيد الحكيم بالقول نحن نحتاج إلى الحفاظ على العلاقة بين البلدين والمصالح الكبيرة، خاصة وان العراق اليوم ساحة مهيئة للاستثمارات والمشاريع الاقتصادية، والتى من خلالها يمكن ان توضع المصالح مع بعضها البعض، وهذه هي أفضل الطرق للحفاظ على العلاقة بين البلدين. وأشاد السيد الحكيم بالعلاقات الحكومية بين الشعبين والتي تشهد تطورا ملحوظا، لاسيما وان العديد من الملفات العالقة بين البلدين قد انتهت إضافة إلى الملفات الأخرى التى في طريقها إلى الحل.
منوها إلى ان زيارة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد إلى العراق وحضوره القمة العربية بالعراق أعطى رسالة كبيرة للعراقيين ان الكويت تقف مع الجانب العراقي إضافة إلى دعمها للدور الإقليمي لها.
وأضاف ان الوضع العراقي الكويتي يشهد خيارين لا ثالث لهما، الخيار الأول ان نغرق في التفاصيل والأخطاء التي تحدث من كلا الطرفين ونعمل على إبرازها ونعتبرها تمثل إرادة الشعبين، بينما الخيار الثاني ان ننظر إلى حجم المصالح والإطار العام ومن ثم تتساقط السلوكيات والنتوءات هنا وهناك، وهذا هو الخيار الصحيح الذي يعد فرصة تاريخية للتعاون الحقيقي. وأكد السيد الحكيم ان العراق اليوم مهيأ لان يكون حليفا وشريكا قويا للكويت، ومن هذا التحالف العراقي الكويتي ننطلق للبلدان المجاورة الأخرى، لنشر ثقافة السلام والمودة والمحبة والمصالح، خاصة في ظل التحولات العربية والقوى الصاعدة داخل المجتمعات العربية والخارطة السياسية الجديدة التي تحتاج إلى تماسك الدول والشعوب للمحافظة على وجودها ومستقبلها وشبابها.
رافضا في الوقت ذاته التوجه إلى التصورات الفئوية والمذهبية والمناطقية، خاصة وان هذه التعدديات دوما ما تمثل حالة من التمايز بين الناس، وتخلق نوعا من التقاطع لا الالتقاء، لذا لابد ان نتجاوز هذه الحالة والالتفات إلى مصالحنا كعرب ومسلمين ومنطقة، وعلينا أيضا تجاوز هذه الخصوصيات باعتبارها محفوظة لأهلها. مشددا على التوحد في الإطار العام والعناوين الكبرى التي يجمعنا بها الاسلام والعروبة وكذلك القواعد الاساسية التي تحافظ على لحمتنا واستقرار البلدان والمنطقة. وقال ان رسالتنا هي رسالة مودة ومحبة في هذا الشهر الفضيل ومناشدة لان نكون نحن صوتا مشتركا في صيانة هذه العلاقة المشتركة بين العراق والكويت. وعن عدم استقرار النظام الأمني في العراق والتفجيرات المتكررة به أوضح السيد الحكيم ان القضية الأمنية خلال المرحلة الماضية تعد من القضايا الشائكة والتي تعود في المقام الأول إلى تغلغل القاعدة وبعض مخلفات النظام البائد وحضورهم إضافة إلى دخولهم في الأجهزة الأمنية، وهذا ما تؤكده التقارير بان السبب وراء التفجيرات الكبرى يعود لتورط بعض الضباط من داخل الأجهزة الأمنية وتسهيلهم لبعض الخلايا الارهابية،
مؤكدا أنه من الصعب التكهن بان هذه القضايا ستزول خلال فترة وجيزة لكن بدأت تفقد تأثيرها مع قلة نسبة التفجيرات في الفترة الحالية، والدليل على ذلك ان أكبر مشكلة تعاني منها بغداد الان هي ازدياد الازدحامات المرورية بشوارعها ما يدل ان الأمور تعود إلى نصابها الصحيح. وأضاف ان هذا لا ينفي وجود بعض التفجيرات هنا وهناك على فترات متباعدة ولكن الكل يعلم ان الجهاز الأمني لأي دولة لا يتمثل فقط في النظام الاستخباراتي وغيره بقدر ما هو هيبة للدولة ذاتها والذي لابد ان يتضمن تبادل المعلومات والتنسيق الأمني بين العراق ودول الجوار، وكلما تعززت العلاقات بين الدول المجاورة استطاع العراق ان يستعيد هيبتها وتفرض سيطرته بشكل أكبر، ونحن نؤكد ان الخط البياني الأمني في العراق يشهد تصاعدا ملحوظا. وعن الأوضاع في سورية أكد السيد الحكيم انه أمر لا يمكن لأي انسان عادي السكوت عنه خاصة مع زيادة وتيرات المذابح العلنية للشعب السوري، لافتا إلى وجود روافد خارجية تعمل على دعم ومساندة الأطراف المتصارعة، مشيرا إلى أنه يجب ان نعمل جاهدين لحل هذه المشكلات كي ترجع سورية الى حالة الاستقرار المنشودة، والحفاظ على حقوق الشعب السوري.
وأضاف ان التطورات السياسية اليوم تختلف عن الحقبات السابقة، لاسيما وان الأنظمة المركزية الديكتاتورية بدأت تتهاوى في المنطقة بشكل عام، وأصبحت الديموقراطية والتعددية وإرادة الشعوب هي اليد العليا، والتي بدأت من العراق في عام ٢٠٠٣ حتى وصلت للعديد من البلدان. وأشار الحكيم إلى أن ما يثير القلق الان في العراق وباقي الدول المجاورة بما فيها سورية عن هوية القوى المسلحة وأولوياتها، وثمة أسئلة كثيرة تدور في الأذهان إذا ما سقط النظام كيف تتعامل هذه القوى؟ وهل ستعمل على تعزيز الاستقرار؟، منوها إلى ان البيئة المشوشة دائما ما تصبح بيئة خصبة لوجود مثل هذه القوى المتشددة والارهابية تحت غطاء القاعدة والسلفية وغيرها. وأوضح غياب الأفق في سورية وعدم وجود قوى واضحة ومعروفة، ودائما ما نجد ان القوى السياسية الموجودة كقوى معارضة كالمجلس الوطني وغيره ليس لديهم تأثير على الشارع، وفي المقابل نجد ان القوى المهيمنة على الشارع هي قوى مسلحة متعددة ومتنوعة، ومازال بشار الأسد جالسا والحكومة قائمة، مع وجود الاختلافات فيما بينهم، لذلك دائما هناك تخوف من القوى المهيمنة على الشارع، لذلك دائما نجنح إلى الحلول السلمية المقنعة بحيث تكون لهذه القوى الشعبية دور حقيقي في الوضع السياسي. وأشار إلى ان سورية أقرب إلى العراق من حيث التعددية من المسلمين السنة والشيعة وبقية الأديان الأخرى والطوائف، هذا التنوع لابد ان يأتي لقاعدة سورية تطمئن الجميع وتتفاهم فيما بينها حتى تذهب لخيارات مقنعة، وتجربتنا في العراق تؤكد انه إذا ما اطمأن الجميع فستستمر المشاكل وتخلق الأزمات بشكل واسع.
وعن دور «النجف» في ظل الاحتقان المذهبي الموجود حاليا أوضح السيد الحكيم ان مواقف الإمام السيستاني والمراجع الآخرين معروفة من ٢٠٠٣ وإلى اليوم، لا سيما ودورها في دعوة العراقيين إلى الوئام والسلام والتعايش، مشيرا إلى ان النجف من أجل ان تأخذ موقعها التاريخي الطبيعي في الوطن العربي تحتاج إلى مزيد من الوقت ومزيد من التفهم لواقع النجف ويجب ان تساعد من الأنظمة العربية باعتبارها محطة عربية أصيلة تحمل فكر آل البيت باعتدال وتسامح وانفتاح لذلك تقوية النجف من المؤكد أنها ستساعد إلى حد كبير في تهدئة أوضاع كبيرة في الوطن العربي لاسيما في ظل الاحتقان المذهبي والطائفي الموجود حاليا.