ونوه إن العراق لم يكن بلداً تتعاطى فيه هذه الأمور لوعي الناس وابتعادها عن هذا الخطر الماحق ، لكن للأسف في الآونة الأخيرة بدأت هذه الآفة تدخل رويداً رويداً وبشكل يحتاج إلى وقفة ومسؤولية من الجميع.
وحذر سماحته من تفاقم هذه الآفة، حيث إن جميع المجتمعات التي أصابتها هذه الآفة لم تتماثل للشفاء منها وتركت البلاد خربة وجعلت العباد يتحولون إلى أشلاء أحياء لكنهم أموات، وأرجع سبب انتشار هذه الآفة الخطيرة لأكثر من سبب منها:
السبب الأول: حالة البطالة وهي دائماً مجلبة للفساد، فالفراغ غير ممدوح، وهذه الآفة تبدأ بطبقات المجتمع المختلفة ولكن عادة ما يلجأ إليها الشباب العاطل.
السبب الثاني: فقدان التربية وهي ترك الأمور إلى الشاب بدعوى أو بأخرى وترى الشاب لا يوجّه ولا يحاسب وفجأة يصبح مدمنا على هذه الآفة الخطيرة.
السبب الثالث: قضية الكسب السريع في تناول أو بيع هذه المواد.
السبب الرابع: غيبة الرقابة الحكومية عن هذه المسألة.
وألقى بجزء من اللائمة على الحكومة، وإن كان تشريع القانون يكون بعهدة مجلس النواب، مشيرا إلى إن القانون لوحده إذا لم تكن هناك سلطة حقيقية لتنفيذه فسيكون حاله حال عدم التشريع.
وأضاف إن من جملة الأسباب الأخرى حالة الاستهانة في قضية دخول الناس للحدود وعدم تكليف المسؤولين بالتفتيش الدقيق، وهناك أكثر من مشكلة لهذه الآفة وتحتاج إلى حل والحل يحتاج إلى وعي كبير من الجهات الصحية والأسر الكريمة والرقابة الذاتية لمتابعة الشباب ويحتاج إلى ممارسة السلطة بشكل حقيقي إزاء هذا الخطر الكبير.
وتابع إن المجيء بهذه الآفة يهدف إلى خراب البلد بعد ١٠ سنوات أو قد يكون بعد ٢٠ سنة فهناك جهات يمكن أن تفكر بطريقة شيطانية تحاول أن تهدم البلاد شيئاً فشيئاً، مطالبا الجهات الحكومية المسؤولة أن تعطي هذا الموضوع أهمية كبيرة وبالغة وتقوم بتفتيش دقيق للزائرين بخصوص هذه المادة من دون إزعاج، مشيرا إلى إننا نحترم كل من يقدم للبلد لكن بنفس الوقت عليه أن يحترم البلد كائناً من يكون.
ونبه إلى إن هذه المسائل آفات وهناك أشبه بالعصابات المنظمة للمتاجرة بهذه المواد الخطيرة والدولة تعلم، لكن هذا عنده علاقة وهذا عنده جهات وهذا يمكن أن يرشي .. وبالنتيجة على البلد السلام .. واصفا غيرة المسؤول وحبه لوطنه تجعله يندفع اندفاعاً وطنيا ً لتجنب هذه الآفات.
وفي سياق آخر تطرق سماحة السيد الصافي إلى قداسة الوقت، وقال نحن كشعب عندنا إفراط في الوقت ، ولا نحسب للوقت أي حساب مع إن الوقت يعطى له الأولوية في جميع المقاسات، فحقيقة نحن كرماء بالوقت إلى ابعد الحدود مع إننا امرنا أن نكون بخلاء بالوقت إلى ابعد الحدود.
وتكلم عن الوقت الذي قال إنه يفترض أن يقضى في العمل ويخدم فيه البلد ما بين ٦-٧ ساعات يومياً ما عدا العطل الرسمية، ولكن حقيقة المسؤول يفرّط في هذه السبع ساعات ولا ينجز منها إلا ساعة واحدة للبلد في أحسن الظروف، وتراه مشغولا في عملية الضيافة والصداقة والتفلون والموبايل والشاي وكل هذه الأمور فيها هدر للوقت .. وهذا خلاف المتعاقد عليه بين الدولة والمواطن.
وتوجه بكلامه إلى الجهات الرقابية قائلا: كيف تحسبون الهدر في الوقت، وهل تعتبرونه كالهدر بالمال فساد أم غير فساد ؟!! هناك صفقات ومشاريع وعقود كثيرة تؤجل وتؤجل .. أليس هذا وقت ؟!! لماذا تؤجل ؟! والأعذار الواهية في ذلك جاهزة كولدي مريض أو عندي إيفاد أو سآتي بعد فترة ..
واعتبر سماحته إن الوقت عند الموظف هو ذمّة أمام الله والدولة والقانون وإنها تبقى مشغولة .. وهذا يعني انك تسرق من الوقت ويترتب على ذلك إن المال الذي تأخذه لا تستحقه لأنك لم تنجز عمل والآن القانون يحاسب على سرقة المال الظاهرية وتساءل عن سرقة الوقت من يحاسب عليها.
وقال إن الموظف الشاب أو الموظف الكبير عندما يسرق الوقت والدولة لا تحاسب ! لماذا لا تحاسب ؟! لان هذه المسألة الآن غير مكترثة عند اغلب المسؤولين ولا يتحسس لها.
وانتقد الجدوى التي تحصل من وقت الإيفاد وانعكاسها على بناء البلد وفي معادلة رياضية ترى البلد خاسر والمعادلة تقول إن الإيفاد يصب في صالح الموفد وليس في صالح البلد، فالموظف ا الذي قضى أسبوعا أو عشرة أيام هذا الوقت يفترض أن يكون لصالح البلد ولكن انعكاس هذا الوقت على بناء البلد ما هو؟! مشيرا إلى إن هذا المال الذي دُفع للوفد والوقت عندما ينعكس على بناء البلد هل هذا بمقدار العطاء أو لا ؟!
وفي الختام طالب المسؤولين الاهتمام البالغ في قضية الوقت في مؤسسات الدولة، فنحن بحاجة إلى الوقت الذي يستثمر لبناء البلد وانجاز المشاريع فيه، ونحن بحاجة الى ثقافة جديدة ثقافة احترام الوقت وهذه ثقافة شرعية وعلينا أن نحترم الوقت فالشرع والمشرّع يحترم الوقت .. والشعوب المتطورة لم تتطور إلا باحترام الوقت وبشكل لا يفوتوا فيه ولا ثانية واحدة.