كان العالم يحبس أنفاسه في الساعات التي سبقت التوصل الى اتفاق بشأن الملف النووي بين ايران والدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة خوفا من الفشل في إبرامه. العالم كله، او لنقل بغالبيته الساحقة، كان يريد للمفاوضات ان تنجح وان يرى الاتفاق الموعود النور. لان العالم لم يكن ينظر الى الاتفاق بوصفه شانا عسكريا او قانونيا او ثنائيا محدودا؛ انما كان ينظر اليه بوصفه اتفاقا سياسيا من الوزن الثقيل؛ اتفاقا سيشكل منعطفا كبيرا في تاريخ العلاقات الدولية وفي الشرق الأوسط. لا يقل هذا الاتفاق في قيمته التاريخية عن الاتفاق الصيني الاميركي الذي عقد في عهد الرئيس نيكسون او الاتفاق الاميركي الكوبي الذي ابرم في عهد اوباما. سيجري الحديث عن مرحلتين في تاريخ العلاقات الإيرانية الأميركية: مرحلة ما قبل الاتفاق النووي ومرحلة ما بعد الاتفاق النووي.الأكيد ان هذا الاتفاق لم يحل كل المشاكل العالقة بين الدولتين العظميين؛ فما زال هناك الكثير مما يتعين التفاوض حوله ، لكن المؤكد ان الاتفاق الحالي عبّد الطريق لاتفاقات اخرى بين الدولتين ستؤدي الى التطبيع النهائي بينهما كما عبد الطريق الى حل العديد من مشكلات المنطقة. فليس سرا ان الكثير من هذه المشكلات انما هي صدى للخلاف الإيراني الاميركي المستمر منذ أكثر من ٣٥ سنة. ولهذا لا يستبعد المراقبون ان تنعكس اثار هذا الاتفاق الإيجابية على الأوضاع في العراق وسوريا والخليج واليمن وغيرها من مناطق العالم التي تشهد احتكاكا في المصالح بين الدولتين. وقد برهن التوصل الى الاتفاق ان المصالح الاستراتيجية الكبرى فوق الخلافات الايديولوجية.هذه فرصة ذهبية بالنسبة للعراق الذي يحتفظ بعلاقات طيبة مع الطرفين في ان يستثمر علاقاته المميزة بهما من اجل الحصول على المزيد من الدعم والتأييد والمشاركة.