اجتماع اربيل الجديد يمكن ان يكون خطوة على طريق سحب الثقة من الحكومة ، او خطوة على طريق الاكتفاء بما دون ذلك بحل وسط ، ما يقوله الاعلام وصف للازمة وليس تحليلا لها ، المسؤولون الكبار من كل الاطراف يعرفون كل شيء لكنهم يتكلمون بلغة ما بين السطور ، منهم قلبه مع المالكي وسيفه عليه ، ومنهم خصم في ثوب صديق او صديق في ثوب خصم ، الشعب له الصافي ، اطرش في الزفة . مشروع سحب الثقة ، لماذا يجري بهذا التوقيت ؟ الحكومة تشكلت باتفاق اربيل الشهير ، سلة واحدة فيها ثلاث رئاسات والمواقع الوزارية بمحاصصة تحمل اسم (الشراكة) تلطيفا ، هناك اتفاقات غير مكتوبة لكنها مفهومة والحر تكفيه الاشارة ، هناك ملفات بحثها يؤذي الجميع ، ملف الفساد ، ملف الفشل الخدماتي ، ملف البطالة ، ملف الكهرباء ، مثال واقعي : تقليل رواتب الرئاسات ، تبلور موقف موحد غير معلن ضد المقترح ، يجب ان يفشل ... ثم عدم الاعتراض على الوضع المكتبي لاي رئيس من رؤساء السلة ، منا أمير ومنكم أمير ، عندما تكون الغنائم مشتركة فالاضرار مشتركة ايضا والصمت المتبادل حل نموذجي ، حكومة شراكة ، شراكة في الصمت ، شراكة في الارباح ، شراكة في غض النظر المتبادل ، يفترض ان تسير الامور بسلام مئة سنة ، لكن عاملين جديدين زعزعا شراكة الصمت ، الأول تجاوز الحكومة بعض الخطوط الحمراء بفتح ملفات الارهاب والجريمة ، مشهدها الاول نائب رئيس جمهورية يرأس شبكة سرية من عصابات القتل والخطف ، يهرب باحترام ويحاكم غيابيا ، جميع اعضاء كتلته ملفاتهم ملقاة على الطاولة وهي مجهزة بالادلة الذهبية ، يدخلون حالة انذار ، تغير في مجرى الاحداث ، ان لم يعتقل صاحب الملف فيمكن اسقاطه في مربع الابتزاز ، كتلة كاملة تفقد عناصر قوتها وتتبخر بهذه الطريقة . العامل الثاني الأكثر سرية الشركات الكبرى وعقودها ، نسمع في قصص السياسة ان الشركات العملاقة تهلك ملوكا وتستخلف آخرين ، وتطرد رؤساء وتنصب غيرهم ، وتغير نتائج انتخابات الدول العظمى ، العراق ليس استثناء من الدول ، هو ساحة بكر لشركات مفترسة يسيل لعابها لهذا العملاق النفطي المريض ، الشركات تؤسس فريقها السياسي وفريقها الامني وتحتقر الاعلام ، نواب ووزراء يصنفون حزبيا ، لكنهم في السر يصنفون شركاتيا ، اسماء شركات كبيرة متداولة في البلد : اوكس موبيل ، برتش بتروليوم ، توتال وغيرها ، حربها خفية تبحث عن تشريعات تخدمها (الملكية ، الاستثمار ، الاحتكار ، امتيازات بعيدة المدى ، عقود نفط وكهرباء وصحة وبناء واعمار وصناعة) تحاول ولوج الابواب الخلفية ، هي حفيدات شركة الهند الشرقية القديمة التي رسمت مصير بلدان عديدة في الشرق الاوسط . حاليا شركات تزحف في كردستان لها جيشها من ساسة الاقليم ، شركات تزحف في بغداد لها جنودها ايضا واذا اختلفت الشركات تذابح انصارها . المالكي تجاوز الخطوط الحمراء عندما بدأ اولا يخطط لالباس كتلة كاملة البدلة البرتقالية ، وثانيا أراد تجريد الشركات من اصدقاءها والتعامل معها رسميا ، هذه هي المتغيرات الكبرى التي اثارت موجة الغضب الأخير ، أما وصف الحكومة بالفشل والفساد والتفرد والطائفية فهي اوصاف قديمة وودية ولطيفة ولا يعترض عليها أحد ولا تفسد للود قضية .