شكلت دويلة قطر في السنوات الأخيرة مصدر إزعاج واضطراب لكثير من دول المنطقة العربية ودول الجوار الاقليمي وتمكنت من إحداث تغيير في معظم الدول التي ضخت فيها اموالها وتأمرت عليها ودست انفها فيها وأصبحت هذه الدويلة المتناهية في الصغر حاملة لواء التغيير في المنطقة من خلال تنفيذ أجندات ومشاريع خارجية ترتبط ارتباط مباشر بأمريكا وإسرائيل وتركيا مستغلة طبيعة النظم السياسية السائدة وغباء الشعوب العربية التي لا زالت لحد الان لا تجيد غير فن التسقيط والتكفير وتبديل الثياب وإطالة اللحى تبعا للثوب والموديل الذي يرتديه الحاكم وتعتبر قطر رائدة مشروع التغيير في تونس وفي ليبيا وفي مصر واليمن وهي تقف وقوف مباشر وراء كل ما يحدث الان في سوريا من دمار وقتل وجرائم يندى لها جبين الانسانية،وان كانت طبيعة الصراع في سوريا قد تحولت من صراع من اجل التغيير الى صراع طائفي وصراع من اجل اثبات الوجود.
ويبدوا ان ما يحدث اليوم في العراق وتحديدا في المناطق الغربية ذات الغالبية السنية من حراك وتظاهر واعتصامات وشعارات طائفية ومطالب بإعادة المعادلة الى ما كانت عليه قبل عام ٢٠٠٣ لا تبتعد كثيرا عن تدخل الإمارة الخليجية في الشأن العراقي بصورة مباشرة من خلال اذرع عديدة سواء كانت هذه الأذرع من ضمن الفريق المشارك في حكومة الشراكة الوطنية او من خلال شيوخ العشائر ورجال دين.
ولا يجد المتابع او الباحث عن الحقيقة صعوبة في تشخيص تأمر قطر ودورها المباشر في إدامة زخم التظاهرات وارتفاع سقف المطالب وهو يرى الحركة المكوكية لقادة القائمة العراقية خاصة رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي ووزير المالية رافع العيساوي المستفيد الاكبر من التظاهرات وعدد من شيوخ العشائر ورجال الدين الى قطر واللقاء بامرائها وشيوخها من اجل استلام الاموال التي تديم استمرار التظاهر ومن اجل تغيير مسار الخطة وتعديلها تبعا لحركة المتظاهرين وردات فعل الحكومة واكثرية ابناء الشعب العراقي .
ولان العراق ليس سوريا وليس ليبيا او اليمن فان اكثر ما يمكن ان تحققه قطر من تدخلها في العراق وفي حال استمرار ابناء المكون السني من التحاف جلبابها هو تقسيم العراق الى ثلاث دول وهذا اخر المطاف دون ان تنجح في تغيير نظام الحكم او النيل من الاكثرية او اعادة المعادلة الى ما كانت عليه قبل عام ٢٠٠٣ وستكون ساحة الصراع المنطقة السنية حصرا لان المناطق الشيعية ستكون مؤمنة بالكامل ولن يصيبها من نيران الشر اي اثر اما المناطق المختلطة والقريبة من مناطق الأكثرية فان الجولة لن تكون فيها معقدة بل ستكون الامور محسومة للأكثرية ايضا لانهم يتمتعون بعوامل القوة والاسناد وهذه غير متوفرة عند اتباع الشيخة موزة حتى لو تم تزويدهم بالمال والسلاح وكما يحدث الان في سوريا،وبالتالي فان الطرف الاكثر خسارة هم اتباع الشيخة موزة.
اعتقد انه ليس من الصحيح منح اهمية كبير لتدخل امارة قطر والخوف من اثارها المستقبلية في الشان العراقي لان هذا القلق سيمنحها فخرا وشرفا هي لا تستحقه ولا تعرف معناه لان فاقد الشرف والغيرة والنخوة يبقى قزما ولن يستطيع الوصول الى قامة وهامة اسياده واذا ما اصرت قطر ومن يقبل بوصايتها في تدخلها بالشان العراقي فما عليه الا ان يركع لحكمة القدر في ان الاكثرية ستقول كلمتها التي لم تقلها لحد الان لانها لا زالت تعتقد ان في الافق امل يمكن تحقيقه مع اخوتنا وشركائنا في الدين والوطن والتاريخ.